أنت الآن مع قهوة،
مملحة بدموعك.
تفقدين حواسك تدريجيا.
تحملين أحلام النهار؛
عن اعتصار يدي، لبرودة كفك،
وهي تغرق في عطر الدفء.
.
أنا أغنية تجلس أمام الباب.
أنا قصيدة تبحث عن قلب.
أنا تمثال يريد أن يتحرك.
.
كنا نمشي وراء الأحلام.
تتبع خطانا،
ونتتبع خطاها.
فجأة توقفنا – مثل عربات المترو –
تكاد ترمينا الفيزياء من شاهق أفكارنا.
.
محطات. وجوه. علامات. وميض.
كيف قطعنا تلك المسافة دون أن نطير؟
.
كنا نلملم الأقلام من المنزل
ونكتب الشعر الرديء
على جدران الحمامات.
ثم يأتي في آخر النهار
عامل نظافة قاسي القلب:
ليمحو ذكريات الطفولة،
وأصوات طاولات الصف،
وهن يتعانق سرا، حين ننصرف،
ويمتص بمكنسة يلوي عنقها:
أحلامنا التي تركناها
بحمق طفولي.
.
لماذا توقف الطائر المحاكي عن الغناء؟
وأنت بعيدة تحتسين القهوة.
.
هذه الأحلام بقيت:
كعجوز أحدب؛
ينادي كل مار، ليقص عليه
سيرة من مروا ويسعل: كأنه الوقت.
لكن، من لديه قلب ليسمع من؟
.
أمهات. مساطر. صلوات. أبواق
أفلام بالأبيض والأسود. محايات بنكهة الفراولة.
أذكر سماء زرقاء كانت تقيم معنا.
من سرق ابتسامتها؟
.
وأنت في كل ذكرى، جالسة؛
تحتسين قهوة البكاء.
.
كان الله يافعا.
تناديه أنت، فيرد.
يناديه أصدقاء الإمتحانات، فيجيب.
تدعو علينا أمهاتنا بهلاك ومصائب سوداء،
فيصطنع الإنشغال.
كيف كبر الله إلى سن القسوة هذه؟
.
وأنت تشربين فنجان قهوة؛
كأن الحياة لا تعنيك في شيء.
.
أذكر أيضا أن
قطط الشوارع كانت محترمة.
عندما نتعب من الركض خلفها،
تنتظرنا، كأخوات صغيرات،
لنستريح، فنكمل.
.
التلفاز كان ينام مبكرا،
ويذهب للعمل في موعده كل صباح.
كيف لم ننتبه لحقه في الإجازات الأسبوعية؟
.
فساتين. مقصات بلاسيكية. ملصقات دفاتر. صمغ.
مقابل
معاطف بيضاء. مشارط جراحة. علامات تحذير. مهدئات.
.
في كل عيد، يقتلني كل فتيان الحي.
بانج بانج .. لا أسقط أرضا.
الرصاص الصادق لا يقتل الأطفال.
لم أمت؛ ولم يلق القبض عليهم أبدا.
كيف أصلب الآن دون رصاصة واحدة؟
.
وأنت، تدفنين طفولتك
مع كل رشفة قهوة.
.
والآن ..
يجلس كل واحد منا، ينظر للوقت.
يعد على أصابعه مثل تلميذ متفوق:
كم خيبة صنع في حياته.
وكم كانت كذبات الطفولة أصدق،
من الأغنية والقصيدة اللتين
كانتا، في أول هذه القصيدة.
تنتظرانك.
.
وأنت تحتسين قهوتك،
كأن العالم لم ينته
بالفعل.
.
“قهوة مرة بأصوات الطفولة”
سالي س. علي / انجلترا