شعر فصحى
ثامر الغريب العراق
أعطني جناحيكَ يا زوربا
ثامر سعيد
————–
تلكَ السكاكينُ الصدئةُ في رأسي
ما زالتْ تُجفلُني يا زوربا ..
أنتَ تحلقُ كطائرِ الزُّمّجِ
على رملٍ بضفائرَ سودٍ
تبرئُ جسدَكَ من قيدِ الخطيئةِ
ثم تغني للحبِّ العاري
وأنا أحرسُ من التسوّسِ قصائدي
تحتَ سماءٍ تخبئُ الموتَ
في ملابسِها الداخليةِ .
المائيون مثلي تعطشُ قلوبهُم ولا تجفُّ
فكيفَ تهمسُ لي أن أطفئَ الماءَ
بالماءِ
وأنتَ تقولُ : نهارُ الحياةِ قصيرٌ
وليلُ المدائنِ ما أنفكَ يتربصُ بنا ؟
هل جربتَ مثلي
أيّها الساحرُ الأبديُّ
أن تعشقَ زهرةً
لا تَأرَقُ إلا على أرقِكَ
وحينَ تنعسُ
تعوي الحديقةُ
وتنسى البلابُلُ أغنياتِها
للصباحِ الجديدِ ؟
أيّها المقدودُ من حجارةِ الأولمب
مغضنٌ مثلُها وصلدٌ إلى الأبدِ
لقد شربتَ من ترياقِ اليقينِ
أكثرَ مني
فصارتْ روحُكَ أخفُّ من أحلامِ المراهقاتِ
وأسرعُ من تبادلِ الفصولِ
على الأغصان اليابسة
أما أنا ..
فحينَ رشفتُ القليلَ من خمرتِها
خلعتْ كلُّ المجراتِ رشدَها
فلا تعرفُ المراكبُ
إلى أيِّ نجمٍ تهتدي ؟
من يوقدُ لليلِ ذبالاتِ الكلامِ
دونَ أن تُطفئُها جملةٌ اعتراضيةٌ ؟
أعطني جَناحيكَ أيّها الولدُ الجبليُّ
فأنا مثلُكَ سأغربلُ روحي
فقد مضى من العمرِ ما يكفي
وحانَ الوقتُ كي أتطهَّرَ .
أعطني حَنجرتَكَ الدافئة
تلكَ التي أنشدتْ أغاني المقدونيين
القديمة
ففي صدري غاباتٌ من المواويلِ
وأعشاشٌ تناغي الوردَ بندى السقسقاتِ .
افتحْ صرتَكَ المغبرّةِ بالفحمِ
مثلما تجردُ بوبولينا من مخمَلها برفقٍ
ولنقبض على رائحةِ هذا الليل المخاتلِ
بأوتارِكَ المجنونة
فثمة شعوبٌ من الشياطينِ
أرهقتها المطاميرُ في رأسي
وآن لها أن ترقص .
أعطني حماقاتِكَ كلَّها
كي ننقذَ الحقولَ من خضرتها الرتيبة !