شعر فصحى

رحمة بن مدربل

الأقنعة

الأقنعة تلبسُ وُجوهنا

تتنكَّر بها في مسرحية الحياة

و تنجحُ بصدق أن تكذِبَ و تشهدَ الزُّور

تكنسُ بقايا شوقنا التي على ملامِحنا

و تُلوِّن التجعيدة التي تحتلُّ الناصية

 

الحياةُ تُجيد المُواربة

تتخفّى في ثوبٍ أنيق لامرأة وحيدة

و تجلس داخل قِرطِها حتى تنام

تستفيقُ على خاصِرتها

و تبارِزُ الموت فوقَ صدرِها

تنحني مع انثناءاتها الأنثوية

و تصير قوية بعد أن تشرَب دمعتها

من منّا أضعفُ يا ترى ؟

امرأة فقدت صبرها

أم صبرٌ يفتقِدُ امرأة عوَّدته عليها

حتى تقمَّصها و صار هيَّ …

ثمَّ جافتهُ إلى نهاية الأمد !

 

الأقنعة تتعلم مِنَّا الزِّيف

و تقترِفُ بنا الكذب

ترتفِعُ بِنَا إلى حضيضنا العالي

و إلى ضجيج المرتفعات المُفرطة

وهل نصِلُ يا تُرى إلى قاعٍ ما ؟

القاع مُزدحم بِنَا

و نحنُ قاعُ أرواحنا كذلك

نحن الطفرة البشرية التي لا تقول “لا” !

لكن الفطرة الإنسانية خُلقتْ لكي تُعارِض

لتغرِزَ سكيناً في ظهر المُوافقة

لتخلِقَ شيئاً في رحم العدم

كأنَّها تنفخُ منه فيها إليه  !

 

سترتبنا الفوضى

و سيمنحنا الوقتُ أجنحة

لكننا لن نطير

كأننا نعامةٌ تُخفي رأسها في الرمل

و كأننا قدرٌ مُتعبٌ لم يعد يريد أن يكون

يفتحُ يده اليسرى فتسقط أحلامنا الكبرى

ثمَّ ينامُ و لا يبالي لتفاصيلنا التي تموت

 

الأقنعه لم تعد تتحمَّلُنا كذلك

و تقول أن وجُوهنا مُخادعة

 

أنا دائماً أحاولُ أن أقتل البندقية بي

فقلبي رصاصة

و طولي زناد يضغط عليه الأفق طويلاً

الموت لعبةٌ فقط …

و غميضى تطلبُ منَّا الحياة فيها أن نَعُدَّ

من واحدٍ الى ما لا نهاية

ثمَّ تقبضً روحنا في رقم ما …

سبعة ، سبعة عشر ، سبعون ؟

لا يهم ذلك مطلقاً …

هاتِ وجهكَ و تعالْ …

ذلك القناع يستدعِينا لنُخفِي قبحنا فيه

و ليزينَ قُبحهُ بِنَا …

من يهتم ؟

 

 

الدمية التي اشتريتها لطفلةٍ لن تولد مازالتْ هنا

و العباراتُ الأنيقة التي سقطَتْ كفستانِ عريض

لم يعد يحتاجه جسدُ الحقيقة العاري

هو عاري رغماً عنَّا …

هو لا يمكن أن يكون إلاَّ عارياً كي نعرفه

الكلُّ يحلم بالعريّ ثمَّ ينكره !

 

بينما كنتُ جالسةً في رُكنِ بارد

اشتراني قناعً أزرق ملكي

و قال للبائع هذا الوجه ينفع للبكاء

هذا الوجه يُشبه مطراً سوف يهطل غداً

و هذه العينان تبكيان حتى قبل أن يُطلب منها

تبكيان بدمعٍ غير مرئي…

و ذلك ما أريد !

لبسني قناعي بعدها و جاب بي كلَُّ الخيبات

و بكيت جدا كلما أراد هو ذلك

و ابتسم هو بي عندما أرادَ ذلك

تلك الارادةُ سلبَتْنِي

يبدو أن القناعَ دوماً هو الفائِز !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق