القيامـة
شعر مصطفى ملح
أَوْقَفْتُ زَحْفَ المَنايا
في خَيالاتي
وقُمْتُ أَغْرِسُ في الصَّحْراءِ
نَخْلاتي
هَذي المَواويلُ أَكْفانٌ بِداخِلِها
ظِلُّ المُغَنّي
وأَنْفاسُ المَساءاتِرَكِبْتُ قاطِرَةَ الماضي وبي شَغَفٌ
لأَمْزِجَ الشَّوْقَ والذِّكْرى
بِكاساتي
لَكِنَّها صَدِئَتْ بِالرَّكْض
ِ وانْصَدَعَتْ
فَهَبَّ يَطْرُقُ قَلْبي
حائِطَ الآتي
هِيَ القِيامَةُ قَدْ هاجَت
ْ فَما تَرَكَتْ
إِلاّ دَماً نازِفاً منْ جُرْحِ ناياتي
المَوْجُ مُضْطَرِبٌ
والغَيْمُ مُنْسَكِبٌ
والشَّمْسُ غارِقَةٌ في يَمِّ
دَمْعاتي
والسّاحُ موصَدَةٌ
والرُّوحُ مُكْسَرَةٌ
والحُلْمُ يَغْرَقُ في حُزْنِ
الأَميراتِ
خَيْلُ المَغولِ
وقَدْ داسَتْ سَنابِكُها
شَعْرَ البَناتِ
وقِنْديلَ الصَّباحاتِ
أُخْتي قَدِ التَقَطَتْ بَعْضَ
الدُّمى يَدُها
لِمَسْحِ أَدْمُعِها الكُثْرِ
الحَبيساتِ
رَأَيْتُ في ما يَرى الصّاحي
قَراصِنَةً
على مَراكِبِهِمْ تَبْكي حَبيباتي
أَرى مَعاوِلَ ذي القَرْنَيْنِ
قَدْ كُسِرَتْ
وقَوْمَ يَأْجوجَ يَسْبونَ
الحَليلاتِ
والأَرْضَ في قَبْضَةِ الدَّجّالِ
هائِجَةً
والغيدَ فيها مُعَرّاتٍ قَتيلاتِ
أَرى دَمَ القُدْسِ مَحْمولاً
يُدَثِّرُهُ مَلائِكُ اللهِ
في ثَوْبِ السَّماواتِ
أَرْواحُ منْ ماتَ في الأَقْصى مُحَلِّقَةٌ
فَوْقَ السَّما كَعَناقيدِ الثُّرَيّاتِ
هِيَ الشَّهادَةُ
لا يَعْلو مَدارِجَها
إِلاّ ذَوو الأَنْفُسِ البيضِ
الكَريماتِ
قَوْمٌ يَبيعونَ للرَّحْمَنِ ما كَسَبوا
روحاً بِجَوْفِ شَرايينٍ
سَخِيّاتِ
لَمّا تَعِبْتُ مِنَ العُرْيِ المُهينِ
فَقَدْ نَسَجْتُ منْ كَفَنِ
المَوْتى مَلاءاتي
لَيْلُ الهَزيمَةِ
قَدْ طالَتْ أَظافِرُهُ
والعُرْبُ
بَيْنَ الجَواري والخَليلاتِ
إِذا الرِّجالُ تَغَطَّوا
في أَسِرَّتِهِمْ بِشَهْوَةِ النِّسْوَةِ الكُثْرِ الرَّخيصاتِ
وأَسْلَموا أَمْرَهُمْ
لِلْمَوْجِ يَلْطِمُهُمْ
حَفَرْتُ في بَدَنِ العَلْياءِ
غاياتي
عَدْنانُ جَدّي وأَحْفادي إِذا وُلِدواصاروا
امْتِدادي وعُنْواني وراياتي
فَكَيْفَ يُنْبَشُ تابوتي
ولي نَسَبٌ
أَبي الكَرامَةُ والأَمْجادُ
عَمّاتي
لَكِنَّ قَوْمي أَضاعوا كُلَّ
بَوْصَلَةٍ
ومَوْجَةُ الشَّكِّ تَجْتاحُ اليَقيناتِ
إِنَّ الخُرافَةَ في شَعْبي
مُقَدَّسَةٌ
تُهْدى إِلَيْها قَرابينُ المَزاراتِ
والدّينُ يَذْبُلُ منْ لَهْوٍ
ومنْ بِدَعٍ
فَمَنْ يُعيدُ لَهُ تاجَ البِداياتِ؟
هِيَ الشَّريعَةُ في الدُّنْيا
بَنَفْسَجَةٌ
فَكَيْفَ تُسْقى
بِأَرْدانِ الخُرافاتِ!
فَالعَقْلُ للدّينِ مِصْباحٌ
يُلَمِّعُهُ
سُحْقاً لَنا إِنْ تَدَثَّرْنا بِعَتْماتِ!