عالم القصه

هدى المشهراوي

رتابة

رتابة
صباحا في غرفتي في شقتي في شارع غيوم الربيع يطلق المنبه أولى صيحاته ترن ترن ترن ترن ترا تان ترا تان ترا تان ترن ترن.
أفتح عيني مرتاعة أحاول فهم هذا الذي يحدث حولي وتحديد أين أنا. قليلا قليلا تبدأ الاشياء تتضح تدريجيا في رأسي، أنا في سريري في غرفتي وإلى جانبي تستلقي قطتي سيجارة، والصوت الذي أسمعه هو صوت المنبه وليس صوت صفارات الانذار أنا في السويد ولا حرب هنا. أمد يدي أبحث في الظلام عن هاتفي لأوقف رنينه وأتأكد من الوقت، أحدق في جهاز الهاتف لارى الساعة ولا أرى أبعد الجهاز قليلا و لا ارى أبعده كثيراً ولا أرى اعود وأدنيه ولا ارى، أُشعل المصباح بجانبي وأقترب بهاتفي من النور وأمعن في التحديق ولا ارى، أستسلم وأبحث عن نظارتي اضعها وانظر بثقة الى الهاتف انها السادسة والنصف.
اترك سريري بكسل تتبعني قطتي تموء أعد قهوتي أدخل الحمام تتبعني سيجارة تموء يلحق بها سيمبا متمسحا بأطراف ثوبي يستجدي الطعام. أضع الطعام للقطط وأعود إلى فراشي أحمل معي فنجان قهوتي وشطيرة الجبن .
عند السابعة أترك فراشي مجددا بحزن وأسى وابدأ بتحضير نفسي ليوم جديد.
الثامنة إلا ربع اغادر شقتي برفقة سيمبا الذي أعياه الانتظار، أنزل درجات البيت وسيمبا ورائي يشم الزوايا ودرجات السلم، أفتح باب مدخل العمارة وأنتظر السيد سيمبا لينتهي من عمله الصباحي الدقيق في شم مدخل العمارة طوبة طوبة قبل أن يغادرها. أسمع وقع خطوات تركض على السلم، إنه أندرياس إبن جارتنا التي تسكن الشقة فوقي، في فمه سيجارة والولاعة في يده، القي عليه تحية الصباح يتمتم يشعل سيجارته ويركض أمامي. أسير على مهل على طرف الشارع خوف من أن تنزلق قدمي على الجليد، وعلى بعد خطوات مني أرى جارتي العجوز برفقة كلبها، تلك الجارة التي تسكن في المبنى رقم 18 والتي تعيش وحدها بعد أن مات زوجها وتركها وحيدة مع كلب بلا أولاد. من بعيد وعلى مدخل الزقاق المتقاطع مع زقاقنا أرى الفتاة ذات السترة الحمراء تركض متأبطة حقيبتها لتحلق بالباص الذي يكاد أن يفوتها. خطوات قليلة وقبل أن أصل الشارع الرئيسي يتحرك الباص من محطته بعد أن إنتظر سائقة النيجيري اللطيف بصبر فتاة السترة الحمراء. بعدها أسمع صوت الترام من بعيد استعد لاشعوريا للركض ثم اعود واتذكر بانه الترام رقم 5 وبأنني سأستقل الترام رقم 6 فاعود لخطواتي المتمهلة خوفا من الانزلاق. أعبر الشارع الرئيسي عند خط المشاة بعد أن تتوقف سيارة الفولفو التي تحمل اللوحة رقم 657 وحرفي الألف والنون، والتي تقودها السيدة الشقراء التي ترتدي نظارة نظر ذات إطار أحمر. الثامنة إلا سبعة دقائق أصل المحطة أنظر إلى لوحة المواعيد دقيقتين ويأتي الترام رقم 6. أُحضر الجريدة المجانية أقف أنظر حولي نفس الوجوه أطمئن، يأتي الترام أصعد أتوجه فورا بنظري إلى المقعد الثاني على اليسار قرب النافدة لا أحد يجلس مكاني هناك أرتاح وأجلس مطمئنة في نفس المكان. أنظر إلى الخارج التلج يغطي الأرصفة وعامل دكان الحي يستعد لفتح دكانه في الساعة الثامنة، وفي خارج الدكان ينتظر طابور من العاطلين عن العمل حملة قسائم التخفيضات. يسير الترام محطة أثنتين وعند المحطة الثالثة تصعد المرأة التي تجر عربة طفل بيد وتمسك يد طفل آخر في يدها الأُخرى، تجلس على الكرسي أمامي تفوح منها رائحة طبخ علقت في ملابسها تختلط ببقايا عطر قديم، أتأفف ثم أتأفف.. أغلق الجريدة وأفتح رزمامة مواعيدي لأتأكد من مواعيد اليوم وفجأة يطن في رأسي سؤال بديهي بسيط أقف عنده مشدوهة مندهشة كمن أصيب بالزهايمر لا أستطيع أن أجد لسؤالي جواب !
أي يوم من الأيام هو اليوم؟
أهو الأثنين ام إنه الخميس؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق