الثقافةعالم القصه
فاطمة الهندي
إلى فاء أو شين لايهم
مضت أعوام طويلة على هذه المحادثة ألتي جرت بيننا لكن الليلة ودون سابق إخطار داهمتني ذكراها لأول مرة ! أتذكر الآن تفاصيل تلك الرسائل الصغيرة جدًا امام هذا الحنين العملاق الجاثم فوق أضلعي..
سألتني يومها عما أريد أن أصبح في المستقبل.
أجبتك بتلقائية يافعة، أحلم أن أكون كاتبة، هذا حلمي الوحيد.
قلت أن الأمر ليس صعب ستصبحين وأنا أساعدك.
أخبرتك أن لا سلطة لك على هذا كيف تساعدني، يجب أن أفعل ذلك بأجتهادي فقط.
بعد صمت رتيب قلت سأساعدك بأمور أخرى متعلقة بحلمك يا طفلتي .
تجاوزنا النقاش دون أن أدرك ماذا بأمكانك أن تفعل ولم ادقق كعادتي في ذلك الوقت ، كان جل مايعنيني أنك هنا وستظل معي إلى الأبد…
قلت إلى الأبد ؟ هذه الكلمة كان لها وقع نغِم وآمن لم الآن تبدو وكأنها نكتة متعفنة ! أتتعفن المفردات أيضًا؟ قد تظنني ابالغ ولكن عندما كتبتها انتشر في المكان رائحة عفن نفاذة أو لا ليس عفن بل كأنني اكتشفت للتو جثة فأر مر على وفاته شهر أو أكثر .. ياللمصيبة أن كانت جميع وعودنا تكتسب بفعل تخلينا عنها نتانة الجيّف كيف سنتمكن من العيش على كوكب يختنق بخداع سكانه!
أو، اتعلم.. دعك منها وأنا سأغض الطرف عنها وكأنني لم ارتكبها البتة كما أتمنى أن لاتصلك رائحتها لأنك ستختنق… لنعود الآن إلى موضوعنا الأهم.
الليلة عرفت جيدًا ماذا كنت تعني بقولك ذاك عن مساعدتي، كنت محق فقد ساعدتني في تحقيق حلمي وتبنيته ببراعة حتى أنك سرقت حبري مع ماسرقت من البابي لذا اختزِلت لغتي كلها حولك وصرت انت قضيتي الوحيدة التي أنجبت لي الحزن والبؤس توأمان لرحيلها وصرنا نكبر معًا ونتضائل حسب جسارة الألم الذي ترعاه عاطفتي الثكلى من فقدانك .
ربما تظن أن هذا الفقد هو أعظم إنجاز قمت به من أجلي رغم أنك اغتلت به مهجتي و بشاشة أيامي إلا أنك جعلتني احقق الحلم الذي كنت انشده يومها.
ولكن … قبل أن ترحل ألم يخطر لك أن تكرر السؤال على طفلتك تلك مجددًا ؟
من قال أنني سأجيب على ذلك السؤال الإجابة ذاتها ؟ لم يكن حلمي الوحيد يا مغفل، كنت اموّه عن فنائي في حضورك بمعارك أحلام لاتضاهي مليمًا من تفاصيلك.
نعم أنا انتصرت في معركة حلمي هذا لابد أنك عرفت بذلك ولكن ما لا تعلمه هو انني عدت منها اشبه ذلك الجندي الذي عاد من الحرب دون عينيه واشبه الذي رجع دون ساقيه و الذي فقد ذراعه الوحيدة التي يجيد الرسم بها وحتى الجندي الذي عاد معافى أشبهه حين رجع و لم يجد من حبيبته سوى هداياه برفقة دعوة لحضور حفل زفافها.
أدركت الآن لم كلمة الى الأبد التي كنا نتغنى بها صارت عفنة ومثيرة للغثيان ؟
ربما لاتستحق أن تعرف بهذه الهزائم لذا سأدعك بغبطتك تلك، قد امزق هذا النص أو احرقه وادفن رماده مع قلبي تحت الأرض لأنني بدأت اختنق من رطوبة هذا المساء ونتانته ثم أشعل سيجارتي أمام النافذة وانتشي بدخان التبغ وظلمة هذا الليل الشبيهة بقلبك و أترك صدري عاريًا لسهام صبابتي بك لاقتل ككل ليلة.
ـ فاطمة الهندي