عزلة طويلة جدا
نص : صلاح عبد العزيز – مصر
******************
فى شتاء 1997 آخر يوم من أيام السنة الهجرية والميلادية حدثت لى كارثة فى العالم الغريب عندما تلتقى السنتان لا أبالغ كان الزمن يرجع للخلف كأن ترجع جنينا فى مرات كثيرة يحدث أن الزمن بيديه العاريتين يطبق على رقبتك فينداح الهواء من الرئة وتجحظ العينين لحظتها فقط تعود طفلا ولا يدان حانيتان ترى ببغاء يصلح لسانك المعوج وقردا أعورا يعلمك المشى وسحلية بلهاء تركتك فى الخراء خراء آخر يوم من أيام السنة ربما فى عام 2030 يحدث عكس هذه الأشياء حيث تلتقى السنة الهجرية والميلادية أكون وقتها قد تجاوزت الكوارث وروضت القردة وتعلمت أن أسير وحدى.
فى شتاء 1997 غرقت على شاطئ صخرى لكننى تحولت إلى تراب وبواسطة الندوب تحولت ذكرياتى إلى كنز عالق أتجول فيه بقصائد تصنع الأمواج تردها للبحر عميقا كأضحية بشرية لم يكن هناك سمك ولا امرأة ولا أعشاب بحر كنت أصنع عمائى من الزبد تكونت فى داخلى جزر مرجان واسترحت فيها ستة سنوات أى فى عام 2003 كنت فى عماء ومع ذلك خلقت عالما جلست أتأمله طويلا طويلا جدا فأعجبنى وقلت حسنا فعلت وحسنا صنعت ولا أحد يلومنى الآن لأننى كنت قاسيا على لا أحد فى جزر المرجان تشكلت أمامى الراحة الأبدية وضعتها مكان قلبى بيمينى وقلت هنا مكانك فاستقرت .
الفصول التى اخترتها لنفسى خلال ست سنوات كلها عواصف مشيئتها من مشيئتى كان سفر التكوين اكتمل غير أن البهار كان قليلا وكان البر بعيدا يلزمنى أربع عشرة عاما لذا رأيت ابتعادى عن البشر حسنا وكان حسنا جدا فى خلالها كنت أصنع أقلاما من الصخر لكنها ظلت تنكسر ولا تكتب فاحتفظت بكل ماكتبت الأقلام وكان حسنا جدا الرمال تاريخى الممتد وذكرياتى هواء برئتى وأينما سرت الآن تصاحبنى كبديل عن البشر لن أرى ببغاء ولن أصاحب قردا ولن أضاجع سحلية عندما أدليت حبال قصائدى فى البحر بدأ البر يقترب وكنت مشغولا بأن ذلك غير حسن حاولت جذب حبالى كلها وكان ذلك أيضا غير حسن البر يقترب والخوف يقترب.
وكلما اقتربت من الشط تذكرت قديما لسانى المعوج فى زمن كان أعوجا جدا مطر يمطر لنفسه والسماء صحراء وأيا كان ما ينتظرنى سيكون خفيفا الآن وأنا أقترب من شيخوختى ما الذى يتذكره العالم عنى بالقطع العالم بلا ذاكرة لكى يتذكر الأجساد فى علبها القديمة الماضى معلبات ذات رائحة كريهة دخلت 2020 بكل ذكرياتى الجامحة وجدت العالم محطما أكثر مما كنت أتوقع والصاحب الوحيد لى لم أجده ولم ينتظر قلت حسنا أيها العالم أنت من عماء إلى عماء حسنا أنك لم تتغير وعادة جدا أن تحدث كارثة 2030 عندها لن أكون موجودا وسأضحك كثيرا جدا .