عالم القصه

الفنان عبد الناصر ياسين طرابلس

قراءة لرواية البرنيكة. لطلال سيف

الخروج من عالم القهر
يحاول الروائي “طلال سيف” في روايته” البرنيكة ” الصادرة عن دار “أجيال للنشر والتوزيع ” الخروج من عوالم القيود والقهر والدخول في سراديب الأدب للتعبير عن الإرادة المقيدة لسجناء ينتظرون أن يتم الحكم عليهم. ليكشف عن جزء غير مفهوم في قضايا العنف الممارس على سجناء لم يتم التبادل معهم لفهم النهج الإنساني الذي يسمح باكتشاف اعادة تأهيلهم للخروج بصحة نفسية قادرة على التأقلم مع المجتمعات خارج السجون مركزاً” طلال سيف” على التمثيل الدرامي او المشهد العاصف لتاريخ اجرامي مكلل بأدب يلعب دورا مهما في الخطاب الإنساني المرافق لفكرة التحرر الأدبي، ولعبة اليد والجيب ليتم الإعتراف بأفراد كتاب مفكرين يمارسون سلطة الوجود المقيد والقهر النفسي. كما يمارسها الكاتب في أدب السجون الذي يميل إلى تكوين المشهد والخروج منه إلى مشهد آخر مماثل مع فروقات في التفاصيل او استجواب الذات المنغمسة في اعادة تشكيل المشهد واستخراجه بحزم من عالم بشري آحادي يعاني من أزمة الحرية واغتصابات الفكر الممنهج مثل الحب في زمن البروستاتا بدل الحب في زمن الكوليرا. فهل السجن يولد نوعا من الأدب المكرس للخروج من عوالم القهر ؟ام أنه اعادة تأهيل لاشخاص انحرفوا عن القيم والمثل ودخلوا عوالم الإجرام؟
لم ينس” طلال سيف” الترميز والتصوير والتلغيز، وما نفى عظمة الحضارة المصرية وتصويراتها التي مارسها فارس على جدار السجن من خلال رسمه مومياوات الدير البحري. فهل الجنون فعلا هو عين ذات الحقيقة كما يقول؟ أم أن جنون البرنيكة هي مخيلة روائي وضع سيناريو لمشاهد سوريالية في رواية تمثل أدب السجون، وبنسج تصويري لكاتب امتلك ناصية اللغة والافكار، وجعل للبرنيكة اسوارها العالية الشبيهة بالسجن ايحائيا ورمزيا ، وضمن عالم من الغرائبيات وحوارات النفس المضطربة بأسلوب فن تكثيف الخبر وتقطيعه الى مشاهد تقريرية مكتوبة وفق سلسلة زمنية ارتبطت بسجن المنزلة المركزي عام 2015. فهل استطاع طلال سيف تقديم رؤية مغايرة عن السجون كافة حول العالم؟
هو نوع من أدب السجون الذي احتوى على صرخة انسانية تعيد تركيب المشاهد السوريالية داخل سجون العالم كافة، ليس فقط السجن الرمزي لبطل قصة يروي وجوده في زنزانة افقدته اتزانه، وقادته الى سريالية دالي ورمزية يوسف شاهين واصابع حسن ملقاط الذهبية ، فالسجن وكما يقول في روايته ” هو عالم من الأمثال المتدنية، من الأفعال الساقطة، السجن عالم غير مدرج في قاموس الإنسانية ” ونسي أن سيدنا يوسف قال” رب السجن احب إلي مما يدعونني إليه “فالتعبير عن الإرادة الحرة يحتاج إلى تحرر من حصائد القراءات المتراكمة، والى الانتفاضة على ادب سجون الثورة الفرنسية، والخروج من بوتقة قيود الحب في زمن الكوليرا وهيربرت شيللر وتغيير العقول، وغيرهم ممن ذكرهم في روايته التي وضعتنا فعلا بين المحو والإثبات، وبين الرواية والسيناريو وبين ادب السجون وادب السيرة الذاتية التي يعيد من خلالها الكاتب تكوين الظل الذي افتقده في البرنيكة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق