الثامنة ليلآ… أغلق النافذة وأضع أمامي شمعة وعلبة كبريت..أضيؤها قبل أن يحل الظلام..لأرى عينيك الخريفية تلتمع بهدوء…بألق الخضرة..وأرق اليباس..وتطفئ شفتاك صحوي بأول زفرة..وتشد يدك فوق يدي..
يدك التي كانت تشق الظلمة أمامي لأسير دون خوف حين تحل الظلمة
وحدك ياعاصي كنت تعلم كم أخافها وأحبها.. حين تضمني بذراعك حتى كتفك…
يدك التي لم أصدق أنها ستضيق على حجم يدي حين نكبر…
والتي أفلتها ذات صباح رغمآ عني.. حين سافرت إلى الخارج لتدرس الطب…
جئت إلي صباحآ.. تتلون عيناك بالخريف.. وتتبعثر أنت كورقة…
لم تنظر إلي..فقط قلت لي :خمس سنوات..مئات الليالي المظلمة…وأنت تخافين الظلمة
نهضت من عالمك.. من دفئك
ضائعة.. خائفة..في صباح حالك
أركض بعيدآ ولا أبتعد
كلي أندفع إليك شوقآ..ونبضآ. وجسدآ
أقف مجددآ..أستدير.. لأراك ياعاصي
لأنحل بين ذراعيك تكرارا..لأصمت أمام عينك
لأتحسس بقايا الحلم بين أهدابي
ليعلو صدري بشهقة مشبعة برائحتك
لألفظ حروف اسمك..محصورة بين وجهي ووجهك
وترد علي أنت…
لا آلاف الأفواه لرجال الصدى.
عاصي رحل…..
كما تغيب الشمس..ترك خلفة السكون
في كل صباح يشرق ألمآ من داخلي… سبع سنوات مضت….لبست خاتم خطوبة وابتسامة
بدأت حالتي الصحية تسوء..حتى شعرت بجسدي ذات يوم ملقى على أحد الأسرّة في المستشفى.لم أستطع فتح عيني بتأثير الدواء
إلى أن شعرت بيد دافئة تمسك بيدي..تقيس النبض ربما تعيده إلى جسدي
فتحت عيني.. تعالت الفوضى في أذني وتناثرت حتى خصل شعري
أطراف أصابعي تتمدي نحوك..واسمك يملئ فمي..عاصي..
سحبتَ يدك فجأة كأنها لذعت بجمر مشتعل في وخرجت
في جسدي انحلال ووخز يفوق الوجع..كأنني في قبضة ألم تعتصر جفافي
وعاصي..نفحة الروح التي خرجت مني.. تعودإلى جسدي للحظة فأشهق عذابا…
بقيت وحيدة… صوت المطر توقف.. الأضواء أطفئت..
سمعت خطى تتجه نحو غرفتي..
أغمضت عيني..
عاصي بجانبي يشق الظلمة..يحمل بيده شمعة
يضعها بجانبي ويرحل…
يارجل الشمع
مامن ليل جديد هنا
عود الكبريت تفحم صمتآ في علبته بلا رائحة وبلا نور
مامن نافذة خشبية تغلق جدران الريح
مامن ظلمة تخيفني هنا
مامن أنت
يارجل الشمع انطفئ
في عيني انطفئ
احرق جفني وانطفئ
مامن قطرات دمع
ومامن أثر لقطرات ذوبانك.
رجل الشمع
…….
رجل الشمع