هـرٌ يخربشُ في صدري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الذكريات التي تَركَها لي كانت ثقيلة جداً
كأنّهُ اخْتصّني بها دون سائر الأصدقاء
تركةٌ موجعة ، ورثتها منه دون سابق وصيّة!
لكنّها كانت ومازالت تركة محببة وغالية ،
بل هي أثمن ما عندي
هذه التركة هي الوحيدة التي لم ينازعني عليها من الورثة/ الأصدقاء أحد !
ما يحزنني أنَّ الكثير من “الأصدقاء ” لا تعنيه الذكريات أبداً ،
فترى الواحد منهم لا يعبَأ بها أو يرِفّ له حنين
فيما لو ذُكِرَت على مسامعه ،أو خَطرت بباله ،أو مرَّت بالصدفة في خاطره ،
لم أشأ أنْ أذكر هذا على مسامعهم أو أبوح به لأحد منهم
كلّهم غاصوا في الحياة ،وهم يفتّشون عن حياة هانئة !
ترفّعوا عن الاحتفاظ بأيّة صورة منها أو ذكرى ،
وحملتها أنا …..أنا حامل الذكريات الأمين
هاهي الذكريات ياصديقي معززة مكرّمة عندي
-منذ رحلتَ – تجلس متربعة في زاوية من زوايا الروح ،
لم أجروء على زحزحتها من مكانها ،
وأخشى ملامستها أو حتى الدنوّ منها ،
كأنّها خزانة بارود ،
يوماً بعد يوم صارت الروح تئنُ من وخزها ،وتنوء بحملها
لذا فكّرت في نقلها إلى مكان آمن أكثر رحابة
علَّ هذا المكان يصونَها و يحتمِلها !
بعد معاناة أوْصَلتها إلى القلب المكان الأقرب للروح
ظناً من أنَّ روحي ستطمئن وتأمَن على الذكريات هناك
وأنَّ القلبَ سيكون بوسعه استيعابها
والحفاظ عليها والتعامل معها بشفقة ،
لكنني سرعان ما اكتشفت أنني ارتكبتُ خطأ فادحاً
فأنا لم أستأذن قلبي ولم أفاتحه بفعلتي هذه ،
لم يكن عندي الوقت الكافي حتى يتسنى لي جسّ نبضه
سنوات طويلة مرّت وقلبي بعيد عني وأنا بعيد عنه ،
كثيراً ما كانَ يتركني وحيداً
في المهبّ ويمضي لوجهته, يفعلُ ما يحلو له
وما أنْ عرف بتخطيطي ونيتي ،
حتى راح يُخَربشُ في صدري مثل هـرّ .
وأنا للحظة في حيرة من أمري
لا أنا بمقدوري أنْ أحملَ الذكريات
وأعيدها إلى الروح
ولا أنا قادر على ابتكار طريقة
أُسْكِت بها هذا الهــرّ
الذي مازال يخربش في صدري !
عباس السلامي
العراق /
11 / تموز/ 2020