الثقافةشعر فصحى

عبد الوهاب الملوح

تونس

كغبطة أسرى تداهمهم بغتة الباب
عبد الوهاب الملوح

ما الذي سوفَ يُغريكَ
أوْ يُوقدُ النَّار فيكَ
ولا شيءَ بين يَديكَ؛
تُمزِّق أوصال مستقبلِ الوهمِ؛
ها أنت تُنقذُ عُريَك من مرثِيات البكََاء المَجانِي،
وتُنقذُ عمركَ، قهقهةً تركلُ الالتِياع وكلََّ دواعي الندمْ.
وتُحرِّفُ سيرته بسموِّ التداعي وتصديقِ تغريبة الهذيان.
ما الذي سوف يُغريك في كل هذا:
الزحامِ، الرمادِ، الغبارِ، اللهاثِ، اللهيطِ، القطيعِ، العويلِ…
هكذا أنت هاويةٌ في رؤاك،
تُعدُّ الطريق مقاسًا لخطوك، ترعى الخلاء
فتحرسُ أثداء أنثى تنام فريسةَ حرٍّقليلََ الحياء،
وتحرسُ مستودعًا لمخيَّلة الريح،
تُصغي لسرِّ الحصى
وتخبِّئُه؛
تتبادل والقمر الطائش شتم موعظة الشمس،
من جهةٍ في التلاشي وأمزجةِ الاحتفال بما يتشظَّى
تجيء كإيقاع أغنية غير مكتملةٍ،
كمشقَّاتِ مُفردةٍ نالها صدأ الشعراء؛
على موعد مع ما يتدفَّق من كائنات مباهجِك اللامباليه.
أنت معبدُ هذا الضلال وما يتمجَّد خارجه؛
ولك الآن مِنْحةُ عمرك من محنتِك الموجعه
يا نبيََ الضلالِ اللقيط
لك الآن أن تكتفي بك
ها أنت ترتجلُ الوقت مختصرًا كل ما سوف يأتي؛
لك الآن أن تحتفي بالفراغ كحفلةِ طيرٍ تباغت حزن السماء
كغبطة أسرى تداهمهم بغتة الباب،
تأخذهم من أسى الانتظار وغيََّابة الفقد تأخذهم حيث تُسعفهم غابةٌ بصباحاتها ومساءاتها
وتعود حبيباتهم بحواسِّ غدٍ،
لا يعلٌّق وهمًا على الشمس
تنهض فجرًا يضيء عتمة ليل بلا قمر.
عبثًا؛ تعتق السجناء من الوهم،
من فكرة الجدران؛
عبثًا تعتق الشعر من كذبة الشعراء
عبثًا؛
تندم الآن؛
تمضي بهذا المساء إلى فرح تستعير كمنجاته توهُجه؛
من حنين بلا رغبة،
من يد الخذلان،
من الندم القاسي،
من عصا الأعمى،
من معاجم مرتجلي الهذيان.
عبثا؛
ترتق الأرق المتدفِّق بالعرق المُتقطِّعِ،
بالنافذة،
بشجاعة طفل حزين لقيط
يركِّب لعبته الحجرية،
يمنح عائلة الريح أسماءه
ويديه التي لا يراها.
أين تمضي بأيام عمرك؛
تتركها للمجاز،
تُبعثرها قهقهات معلَّبة
أو حدائق موجزة في خطى عاشقين يفران
من أمل لا يعانق جرحهما.
سوف تبتكر النهر أغنية للطريق.
عبثًا؛
سوف تمضي بأيام عمرك،
أي طريق هذي؟
أي مصائر؟
أي حتوف،
وأي صلاة تؤديها ندمًا
وتؤكدها جبهة الرأس أختام توبة رأس تكسَّر،
لو كنت فوضى
أسلمت عمرك دون مزادات علنية َ
والمطر انفلت من كتاب السماء حمامًا.
ما الذي سوف يُغريك؟
لا شيء يُغريك غير ضلالة روحك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق