شعر فصحى

ربيع عبد الرازق

مصر

عن حقيقة مصرع النهر
لم أكن جاضرا،
ولم يستغث بي كمايدعي،
كنت جالساعلي المقهي مع البحر،
وكان يحدثني عن مرض قدميه بالسكري،
وعندماحقنته بالأنسولين قال لي:
إنالشيطان الذي يجلس معي علي نفس الطاولة أخبرني أن النهريحتضر،
والله لم أكن حاضراحقيقة،
وحين وصلت أسندت قلبي علي جثته ،
وفككت رابطة عنقه بعنف وقلت له:
لماذاانسحبت هكذا؟
لقدأخذتني إغفاءة محارب لم ينم منذ قرن،
ألم نكتب معا قصيدة واحدة؟
ألم نعشق فتاة واحدة؟
ألم تصدعني قنابل الغاز وهراوات العساكر؟
وكنانوزع أحلامنابالتساوي علي الفقراء،
ألم تربني في حضنك وليدا،وزرعت أوراد النور في قلبي ،
وكانت أمي حين يزورني البحرخلسة،
تغمسني فيك ينفلق الإصباح من رأسي إلي قدمي،
هل أغضبتك الصورة التي رسمتهالنابالأمس ،وأنت تضاجع قرص الشمس؟
ولماجن علينألليل وقبل القمروجنتيك قلت لي:أنت حبيبي،
أنالاأصدق ماتدعيه الصحف السوداء
أنك مت علي فراشك كمايموت البعير،
فليس في جسدك أيهاالهارب موضع إلاوفيه أثر هراوة أوبندقية.
ولست سببا في امتناع أمك عن زيارتك،
لقدكانت تلك السحابة غارقة في الحزن علي أخيك الذي قضي نحبه تحت أرجل الصحراءوالمغول،
ولست كماتدعي مذكراتك أنني أجهل الفرق بين الشفقة والخيانة،لقدكادالسكري يقتله،
ولم أكن أعلم  أن السماءالأولي سقطت علي قلبك فهشمته،فلم تكن هذه أول نشرة تسمعها،
وكنت أنت علي يقين أننني أحاول التصالح مع الموتي في الأسواق ومراكزالاقتراع
الذين يبتاعون قوتهم ببقاياوجوههم،
وحاولت بعدهروب شاطئيك أن أقوم مقامهما،
ولكن كليتي الخائنتين فرتا معهما،
وسوف أحرق روح من قال إنك أقدمت علي الانتحار،
لأنك عبأت ليلي ونهاري بالأحلام الخضراء،
وكنت كلما أضرمواالنيران فيها تبعثها،
فلماذاتبعث الآن خلفي عيال بنها بنيرانهم
وأناأحمل رفاتك كمايحمل الشيخ جثة طفله الوحيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق