شعر فصحى

رضا احمد

مصر

غرفتي نفسها طائر أعمى حط فوق بيتنا

حصلت على أدوار عدة لا تكفي حياة واحدة، وكلما انتهيت من جملتي المشهدية وجدت نفسي في عائلة مختلفة وباب بيت جديد يرتجف خلفي؛ أقول إنني هنا مؤقتا ولا معنى لهؤلاء الذين ينتظرون فشلي بجدية.

لا أشعر أن الطمأنينة غايتي
أشخذ أظافري
وهم يريدون إطعامي فتات الخبز المنقوع في الماء.

فقدت مرات في سفن غارقة، سلالتي من الفئران تنبش قلبي ولا تجد أثرا للخوف؛ يزعجها انصرافي إلى آخر الأسماء في كشوف الناجيين، ما كان يجب أن أترك فضيلة ذيلي وحذري!

لا اليد التي مكثت تكتب مئات القصائد تخصني ولا السباب الذي علق فوق أحبال الغسيل ولافتات الانتخابات وأنا أسقط خرج مني؛ بين الحياة والموت كنت أحاول تربية مخاوفي على التكيف.

لا أظنني أتفهم كيفية المضي قدما؛ السياج ليست على الحافة، هي تماما في الطريق بيني وكل شيء أريده، والنيران تركت موقد العائلة التي يروعها البرد وباتت جذورها تقتفي آثار خطواتي وتنمو أشجار بلا ذاكرة الفأس ولا عاطفة الثمر، فكيف أعود من بين مخالب الحلم إلى سرير طفولتي وحدي؟

إنني هنا الآن أحشو حقيبتي بأنفاسي وأركض، إنني هنا وبجانبي ما يكفلني من الآلهة ولكني أحتاج لرجل واحد لا يكذب، إنني هنا الآن أهرب والبيت يلاحقني.

أكلمك بمودة وعيناك تبلغان أماكن أجهلها في جسدي؛
عيناك الخفيفتان الوديعتان
تخفقان بصمت في راحة يدي
كقلوب صغيرة لا تحمل الكثير من الأحبة.

إلى قلبي، أعطاني قميصه بلونه الأحمر
وناولني ابتسامته؛
تذكرة مرور لا تنفع في حفلة تنكرية أو مآتم
مزقها حارس السجن قبل أن أدخل
وقال: أهلا بك، معك دعوة وأيضا… توصية!
ولم يغلق الباب ولم أخرج.

إلى يدي، وهب ذاكرتي رفرفة الطير الذبيح قبل أن يقع
ثم ماذا قال الراوي: القصص تُتبِّل بحكمة هزلية لرجل هندي في السينما أو أسود
ولم يكن في رأسي ما يريده المخرج.

إلى لساني، ما أعده لنا الطهاة أكثر مما توقعته أمي؛ حساء الحقيقة مر لأن عظامنا لينة ولحومنا خضراء نصفها آكله قطيع الخراف وهم يركضون أثناء خطبة الكهنة ونحن على هامش المطبخ الذي يقف خلفه الجنرال ويقلب ما يسقط منهم.

إلى حبيبي، الناس الطيبون يغرقون في المحبة، لماذا إلى الآن لم أستيقظ في فراشك وأجمع ما تبقى منك في جوال وأعيده إلى أمك التي تبكيك كفزاعة تقف على ضفاف النيل بلا أنياب والخوف طائر انتهازي في النهاية؟

إلى أبي، أعطيتني كل شيء، لماذا لم تقل أنه لا يكفي كي يستمر العالم إلى جانبي وتمر الأيام خفيفة كطيف ابتسامتك حين تشيخ وتبتعد؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق