عالم القصه

ياسر جمعة

صوت الصغير

 

المرأة وصغيرُها في جانبِ الطّريقِ، ملامحُها غاضبةٌ، وجهُ الصّغيرِ مُحتقنٌ.. يبكي ما إنْ تنتزعَ منه كيس الشيبسي، وتنهرَه:

“لا هذه إنْ سمعتُك تقولها مرّةً أخرى سأقطعُ لسانَك”

أصواتٌ متداخلةٌ، أتابعُهما رغمًا عنّي، الصّغير يدبدبُ بقدميه على الأرض ويُصيح:

“لا يا ماما

لا..

لا..

لا….!”

تصفعُه، ينطرحُ أرضًا، يقوم مرعوبًا يركضُ، كلاكساتٍ عاليةٍ، صوتُ الفرامل قاسٍ، ينفلتُ كيس الشيبسي من يدِها، يصمتُ الشّارع، العيونُ جاحظةٌ، الأمّ تصرخُ ملتاعةً وهي تنظرُ، الوجهُ في السّيارةِ خائفًا.

ومن يقولُ نعم سيدخلُ الجنّة. والمعلّمةُ قامتْ بقصّ شعرِ التّلميذةِ لأنّها سافرة. والمرأةُ تجثو وتنوح، ورقائقُ الشيبسي مبعثرةً على الأرض. وليلُ التّخاذلِ يحجبُ شمسَ الصّباح، وأريدُ الموتَ وأريدُ الجنّةَ، والموتُ في الطّرقاتِ ولكنّه يتجاهلُني، والرّئيسُ الجديدُ ملتحٍ، والصّغيرُ قالَ: لا، والصّمتُ خُرافيٌّ، والمرأةُ تنظرُ إلى أشلاءِ صغيرِها ذاهلةً، ودمهُ على الأرضٍ وعلى وجهِها وعلى وجهي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق