شعر فصحى

إيهاب الورداني. /مصر

الستون ما زالت نيئة

الستون مازالت نيئة

1 ــ
لست ملاكا بما يكفى
لأغض الطرف عن سوءاتك
ولا شيطانا كما يجب
لأجعلك ـ مثلى ـ
تطردين من الجنة
أنا عابر
لا أحب الخديعة
وأمقت الكذب
فلا تضايقك لعناتي
ولا تضجرك ملامحي
كل ما في الأمر
أنني في غفلة
جربت قضم التفاحة

2 ــ

مكابر أنا
حين أدعى أن نزوفي
التي كونت على وجهى
تلالا من البهاق
محض علة
مكابر أنا
حين أدعو الله غفرانا
وخيباتي تملأ جثتي عفنا
وأولادي قربى
يتأففون

3 ــ

يا رب
ماذا لو أعدتني جديدا
وأودعت في
ما يجنبني المضي
في الطريق ذاته
هكذا
لا تشكوني زوجتي
ويدرك أولادي أنى ما مررت من هنا
إلا لكى أصحبهم معي
نسخة أصلية
لأواصل الحياة

4 ــ

بيني وبين مجول
شجرتا تين وزيتون
كيف أغض الطرف
أو تهنأ أعضائي
أو أتناسى
أن الحبل السرى
لم تقطعه ” الداية ” بعد
حتى اليوم
بيني وبين مجول
روح وريحان
وعمر
وكاف ونون

5 ــ

أحب أصدقائي جدا
وأراهم أنا
التي نزفتها في لحظة ضيق
وأضجرهم
حين أراهم على غير هيئتهم
يتملقون بعضهم البعض
ويتخابثون
وخيباتهم على رؤوسهم شاخصة
وأصمت تماما
حين يكذبون
ويصدقون أنفسهم
أنهم نخبة
وقريتي تبسط ذراعيها
أمام بابهم
أنا وأصدقائي
ميتون
هل يبعثنا الله الآن
لنصدق أننا ميتون ؟
ميتون !

6 ــ

سامحك الله أبى
كيف تجيد حملي
فوق كتفيك
في الزحام وتمر
وتهزهزني
حين تصّاعد النجوم
في عتمة الليل
وترش رذاذها على الرائيين
وتضحكني
حين تصر
على ملء فى بفصوص البهجة
ولا تتعب من ثقلي
سامحك الله أبى
أنا الآن كبرت
ولم أحمل يوما ولدى
بالمثل
ولا أقدر على المزاحمة
سامحك الله أبى
أورثتني
ما لم يعد صالحا
لهذا الزمان
كيف لي أن أرد لك
غنيمتي
دون أن أرتجف
أو أقول لك : شكرا

7 ــ

أحيانا
أشك في نفسى
أنا الذى تخطيت الستين
لست أنا
أراني
كواحد من أصدقائي
أتحرش بجمال صغيرة
في عمر أولادي
وأتمنى لو
أمضغها لبانة
كالمترفين
( يا الله امنعنى )
أو أقطفها وردة
أعلقها في عروتي
كالآخرين
( يا الله أعقلنى )
أو بكل بجاحة ألتهمها
في هدأة دهشتها منى
( يا الله اعصمنى )
لست أنا الآن
ربما لبسني بعض أصدقائي
الذين يلهجون بتسبيحها
ويعلقونها في أحزمتهم
تميمة
مهما كانت
صغرت أو كبرت
جملت أو قبحت
المهم
في ركابهم صغيرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق