شعر فصحى

ناصر قواسمي

في آخر النفق

 

(( ثَمَّةَ ضَوْءٌ فِي آخَرِ النَفَقِ ))
حَطَبٌ ذَاكِرَتِي
وَوَجْهْي عُصْفُورٌ يَطِيرُ مُنْفَرِدًا فِي القَلَقِ
فَمِي خَشَبٌ
أَتْعَبَ النقَّار مَا انْفَتَقَ عَلَى وَرْدِ ضِلّيلٍ
مَا أُدْهِشَ المَاءَ
وَرَانَ فِي سُكْرِ الفَجيعَةِ متكئًا عَلَى نَزَقِي
دَمُي مَكْرٌ
وَعَيْنَاي تَبْغٌ أَفْرَطَ فِي السُعَالِ فَاِحْتَرَقَ
وَصَلَّى عِنْدَ كُوعِ البُكَاءِ
وَقَدْ اِسْتَحَمَّ ثُمَّ تَوَضَّأَ بِدَمٍ مِنْ علقِ
أُكَنُسُ ذَاكِرَتي كُلَّ يَوْمٍ لَا تُكْنَسُ
وأسجّيني عَلَى أَرْضٍ بِلَا أَرْضِ كيما أَحْتَفِلُ بِدَمِ الحِبْرِ
وَقَدْ تَنَاثَرَ عَلَى الوَرَقِ
خَليليُ الهَوَى فَبَصَرِي اليَوْمَ حَدِيد
وَقَلْبِي بِوَصْلَةُ النَهَار
فَعَيْنَي خَبْزٌ سَائِغٌ لِكُلِّ مَنْفِيٍّ فِي مَنْفَاه
وَقَلْبِي مَا أَكُونُ وَمَا أُرِيد
قَمْحِي مشاعٌ لِكُلٍّ عَابِرِ سَرِيرٍ
لِكُلِّ غُرَيْرٍ
وَمِشْمِشي صَدَقَةٌ لِلعَصَافِيرِ فِي سَمَاءِ القَلَقِ
تِلْكَ السَّمَاءُ لِي وَإِنْ اِبْتَعَدَتْ
وَتِلْكَ الأَرْضُ
تِلْكَ النِّسَاءُ العَابِرَات بِكُعُوبِهِنَّ العَالِيَة فَوْقَ الوُردِ
وَهَذَا اُلْمُمْكُن المُسْتَحِيل
كَدُورِيٍّ يُمُصُّ المَاءَ مِنْ كُمِّ القَمِيصِ المَبْلُولِ
يُلَوِّحُ للعابرين عَلَى حَبْلِ الغَسِيل
وَذَاكَ المَدَى فِي المَدَى حَدَقِي
فِلسطينيٌ وَكُلُّ الأَرْضِ سَاحِي
وَسِلَاحِي
أَن لَا اِرْضَ فِي الأَرْضِ مُذ كَانَتْ أَرْضِي
إِن لَمْ تَصْبُو لبِلادي مَسَاءً فَفِي الصَّبَاحِ
وُرَدَتِ الحَيَاة
وَصَاحَتْ لِلوَطَنِ مُنْذُ البَدْءِ وَخَلقِي
حَطَبٌ ذَاكِرَتِي
لَكِنَّ قَلْبِي وِردٌ تَرِدهُ الصَبَايَا
وَكُلَّمَا قَالَتْ فِلسطينية فِي الجِوَارِ آهْ
كُلَّمَا قَالَ قَلْبِي
يَا فِلِسطِينيات
ثَمَّةَ ضَوْءٌ فِي آخَرِ النَفَقِ
ثَمَّةَ ضَوْءٌ فِي آخَرِ النَفَقِ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق