عالم القصه

هند العميد. /العراق

الوجه الصادق

قِصَّةٌ قَصِيرَةٌ بعنوان(صَاحِبُ الوَجْهِ الصَّادِقِ)
كُرَةٌ بَلاستيكيَّةٌ تُغَطِّيهَا أَلْوانٌ زَاهِيَةٌ ، تُقْذَفُ مِنْ صَوبٍ إلَى آَخَرٍ وَسَطَ ضَحَكَاتٍ وأصْوَاتٍ مُشَجِّعَةٍ تَتَعَالَى عَلَى صَوتِ المَاءِ الَّذِي يَتَنَاثَرُ بِفِعْلِ حَرَكَاتِهِمَا ، وهُوَ يَغْمُرُ أَجْزَاءَهُما السُّفْلِيَّةَ ، رجلان وامرأتان كَانَا قَدْ اتَّخَذَا مِنْ مَسْبَحِ النَادِي العَائِلِيِّ مَكَانًا جميلاً ومُمْتِعًا لِقَضَاءِ عُطْلَةِ نِهَايَةِ الأسْبوعِ ، صَدِيقانِ وزوجاتهما المُفعمتانِ بالحيويَّةِ والنَّشَاطِ ، انْفَصَلا بفريقينِ متضادينِ كُلُّ جِنْسٍ عَلَى حِدَى ، بَعْدَ سَاعَاتٍ طِوالٍ مِنَ اللَّعِبِ واللَّهْوِ خَرَجَ أحَدُ الرجُلَينِ ليَلتَقِطَ أَنْفَاسَه عَلَى مَقْعَدِ الاِسْتِرْخَاءِ المَوجُودِ عَلَى حَافَّةِ الحَوضِ ، وبَينَمَا كَانَ يَلتقِطُ المِنْشَفَةَ ويُغَطِّي بهَا رَأْسَه كَي يَمْسَحَ البَلَلَ ، سَمِعَ صَوتَ أَرْجُلِ مَقْعَدِ بَلاستيكِيٍّ تُسْحَبُ لِتَسْتَقِرَّ أَمَامَهُ ، أَزَاحَ الرَّجُلُ عَنْ وَجْهِهِ قِطَعَةَ القُمَاشِ ، لِيرَى شَابًّا فِي مَطْلَعِ العِشْرينَ مِنْ عُمْرِهِ يُعَانِي مِنْ مَرَضِ ( مُتلازمَة داون) يِجْلِسُ قُبَالَتَه وهُوَ يَتِّكِئُ بِرَأْسِهِ عَلَى يَدِهِ اليُسْرَى ويَنْظُرُ إليهِ بِتَرْكِيزٍ، ابْتَسَمَ الرَّجُلُ بِمُجَامَلَةٍ واضِحَةٍ ، ثُمَّ أَشَاحَ بِوَجْهِهِ للجِهَةِ الأُخْرَى، اِسْتَغْرَبَ فِعْلَ الشَّابِّ حِينَ سَحَبَ مَقْعَدَهُ لِلْجِهَةِ الأُخْرَى كَي يُواجِهَهُ ، ثُمَّ كَرَّرَ الفِعْلَ لأَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ ، مِمَّا جَعَلَهُ يَصْرُخُ بِوجهِهِ مُتَهَكِّمًا عَلَى فِعْلِهِ ، ثُمَّ سَأَلَهُ الشَّابُّ : لِمَاذَا تُشِيحُ بِوَجْهِكَ عَنِّي؟! هَلْ شَكْلَي يُؤذيك ؟! هَلْ تَعْتَبِرُني غَرِيبَ الأَطْوَارِ مَكْروهَ الشَّكْلِ ، هَلْ تَعْلَمُ أَنَّنَى رَغْمَ شَكْلِي الَّذَي تَعْتَبِرُهُ غَريبًا ، ويَنْبَغِي أَنْ تَتَحَاشَاه لَهُوَ أصْدَقُ مِنْ وَجْهِ صَديقِكَ الوسِيمِ ، ذِى الوَجْهِ الحَسَنِ أمَامكَ والغَادِرِ خَلْفَكَ ، ثُمَّ نَظَرَ الرَّجُلُ لِنَظَرَاتِ الصَّدِيقِ لِزَوْجَتِهِ فَفَهِمَ مَا قَصَدَ صَاحُبُ الوَجْهِ الصَادِقِ .

٢٠١٨/١١/٤
هنـــد العميـــد/ العـــراق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق