شذرات
—————————————
4 – أغسطس – 2017
شذرات
عبد الفتاح بن حمودة
———————
أمسِ، دخل رجل إلى الحانة. تعب من رحلة البحث عن كرسي/ قبرٍ.
أخيرا وجد قبرا يمسح خمسة وعشرين سنتيمترا مربعا. ليس من السهل أن تجد قبرًا باردًا في الصيف.
٭ ٭ ٭
أمس نجا «أشرف» (٭1) من طعنة سكين علی أيدي لصوصٍ في الليل.
كدنا نخسر بلدًا، لذلك كان يجب أن يموت في حرب جديرة بأن تُعاشَ وليس على أيدي لصوص وسفلةٍ.
٭ ٭ ٭
أمس رفس شاعر ذيل قطة تأكل من مزبلة في الشارع.
لن يعود سالمًا إلى البيت دون أن يشعر بألم في ذيله.
٭ ٭ ٭
أمس عاد رجلٌ محطما تحطمَ كأسٍ لا يسمعُها أحد في الخارج.
هذا ما سيجعله شاعرًا في نظرهم.
٭ ٭ ٭
رجل الصيف بَدِينٌ بزنديْن عاريين يلبس تبانًا ملونًا.
رجل الشتاء أسمرُ ونحيفٌ يلبس بُرنُسا مثقوبا.
رجل الخريف يلبس معطفًا رماديا وقبعةً.
رجل الربيع يلبس كلماتٍ عاريةً.
٭ ٭ ٭
هي الوحيدة التي خاطت قمصانه الممزقة وغسلت أطرافَه بعد اللعب مع أطفال الحي وأثوابه الرثة بعدَ الركض في الحقول. لذلك نالتْ مجدَ الأم.
٭ ٭ ٭
أكوابُ الدم، الرؤوس المقطوعة، السيقان والأصابع المبتورة، الأمعاء المتناثرة التي يمكن أن نجعلها حبالاً من الضوء. كتبوا عنها كل شيء، لكن لا أحد كتب عن ملايين الأميال التي يقطعها الدم في عروقي كل يوم.
للحروب حفلاتها يا أخي، لكني غاضب من انتهاء الحفل الأخير قبل مجيئي.
٭ ٭ ٭
بين كل غيمة وغيمة حصاةٌ. كل حصاةٍ سمكةٌ تأكل طحالبَ من نورٍ.
للسرياليين أمجادهم لأنهم عثروا مبكرا على الإبرة والخيط.
٭ ٭ ٭
الملائكة التي تطـــــير ثم تحــــط قبل النـــــوم، هي الوحـــيدة التي يمكنُ أن تشـــبه تلك الــــتي تتحدث عنها الكتــــب الســــماوية. ملائكة لا تُرى، تتشــــكل دوما من الضوء والعتمة والظلال.
٭ ٭ ٭
في سوق شعبي، أربعة أطفال أشرار. أحدهم يقامرُ بتقبيل النصف الأسفل لـ«مانكان» من البلاستيك وسط قهقهات المارة.
٭ ٭ ٭
أن تجوع زمن الحرب ليس مثل أن تجوع زمن السلم.
على الجائع في الحرب أن يأكل الحذاء الجلدي، وعلى الجائع زمن السلم أن يأكل دودًا في الحقول.
—————————————————————————————
(٭1) الشاعر والمترجم أشرف القرقني الذي نجح من الموت بطعنة في صدره قرب القلب مباشرةً.
شاعر من تونس