الثقافةشعر فصحى

حسونة فتحي

فيروس

بانقضاء اليوم الأول بعد الألفين
من أيام الحظر.. والحجر
تكون قد اعتدت تمامًا
أن تلزم بيتك
أن تألف كل من فيه، وكل ما فيه
وتحفظ كل شيء عن ظهر قلب
تستذكر كل الحكايات الصغيرة
التي مرّت منذ أن أحاطت بك جدرانه

غرفة النوم هذه
أعجبتكَ من بين مئات الحجرات فاشتريتَها
وحين أخبرتَ خطيبتك قالت:
تمنيت حجرة بيضاء شاهدتها في معرض موبيليات العروسة
لتكتشفا أنها ذات الغرفة.
هذه السفرة
التي اشتريتها- منذ زمن سحيق- بعد أن أصابك الانزلاق الغضروفي
إثر سقطة مباغتة
ولم تعد تقدر على الجلوس أرضًا
لتفارق- مرغمًا- حميمية” الطبلية”
حجرة الأطفال
الأبواب
الأكواب
الأجهزة الكهربائية
المقاعد
السجاد
الأرفف
الكتب المكدسة في كل الأركان
السهرات العائلية
الضيوف والمناسبات
ضحكات من رحلوا
ألبومات الصور القديمة
الحديقة التي التهمها التوسع والبناء
لحظات الزهو بكتابك الأول
مواعيد عملك النهاري وعملك الليلي
حقائب السفر
أبناؤك الذين كبروا فجأة وأصبحوا آباءً
القهوة.. بلا مواعيد محددة
رفيقة الدرب الرءوم
قبلات الأحفاد
حفل التقاعد
هواتفك القديمة…..
….
آلاف الحكايات الصغيرة
الكفيلة بإقصاء وجه الملل
من طول انتظار فناء العالم
كما تنقل لنا الشاشات والسفهاء
لا شيء جديد
فالناس منقسمون- دائمًا- بين عنف ماركيز
ومثالية دويسويفسكي
ولا يلتفتون ل” خواطر حمار”
” للحقيقة
سر سعادتنا أننا أغبياء جدًا”
عبارةُ من أحد الأفلام الأجنبية.. ربما Ice Age
وربما يكررون نفس العبارة
في فيلم جديد يحمل اسم Virus Age
وتلك مزايا أن تلزم بيتك
تجتر الحكايات
تقرأ
تشاهد الأفلام
تتابع الشاشات
تشتاق
تتقرب
تتخيل
تحصي الأيام
حتى اليوم الثاني بعد الألفين
من أيام الحظر والحجر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق