في ذكرى صديقي الموسيقي
————————–
صمتٌ مريبٌ، هذا الصباح!
لم أسمع سيارةَ أسعافٍ
مع أن المستشفى ليس بعيداً
حتى أن رائحة الفورمالين
مازالت تملأ الشارع الذي يفصل بيننا
وتلوّث أصواتَ العصافير في الحديقة القريبة
حيث يجتمع الزوار قبل العاشرة صباحا
يستقطرون الأملَ من التبغ
ومن الصمت الذي يجثم على رؤوسهم
بينما النساء ينثرن على العشب
صلوات من فُتاتِ لغةٍ ومخاوف
وهذا ما يجعلني أتذكّر الله
بكثير من العتب
أتذكر القرى والمسرات الصغيرة
التي تروّض المآسي قبل أن تنضج
أتذكر الصبيَّ الذي تعلم العزف
على ربابة من الصفيح
وكان يبحث عن طيور تختبئ في القصب
ونحن نتبعه مثل جوقة من منشدين صغار
ثم حين كبرنا قليلاً
قيل أن ساحرةً خطفتهُ
في ليلةٍ باردة
لم يكن يقوى فيها على الغناء.
*
واجهةُ المقهى خاليةٌ
وصوت المغنية، لا يصل
عربات بيع الملابس المستعملة،
خاليةٌ أيضاً.
*
في طريقنا إلى الحفلة
ندسّ أحزاننا في جيوبنا
كي لا يراها الآخرون.
*
هذا يشبة اليوم الأول من حربٍ سابقة
سأبحث في جيب معطفي القديم
عن صورةٍ لصديقٍ
باع أجهزته الموسيقية في اليوم الثاني
وفي اليوم الثالث،
غاب.