رغبة، تتمدّد في الفراغ
يَفقدونَ العُمر في مُنعرجاتِ التِّيهِ
يُطأطِئُون الحاضرَ حتّى يَمرَّ ساعي البريد
يَكتُبون رسائلَهم بمِدادٍ سِرّي
يَتحايلون على الحقيقة
يَتحسّسون حروفَ “بْرايْل” كمَنفَذ لأسيرم
يَملؤون جيوبَهم بأماني التـرقُّب
يُخبِّئون الشّهوة تحت ثيابٍ نصف مُبلّلة
يداهمون الفرح بالاكتئاب
يتحزّمون التراب
يتسلّقون الــ…لّا حدث، ليسجّلوا يومياتهم المفعمة بالكآبة
يقيمون احتفالات تنكّرية
يصنعون أقنعة من قصدير
حتى في وقت الفرح، يستعيرون شفاها ضاحكة
أفكارهم ترنّ بصمت
تتمدّد رغبتُـهم في الفراغ
تتمزّق مسافاتُ الانتظار
…
ولأنّهم يائسون..
يسهَون عن وقت المجيء
يتظاهرون بالحُبّ البطيء
يتماثلون للشّفاء المزيَّف
يرمون أعباءَ الكلام على امرار ممزّق
يتطاولون على أغشية النور
ينسون بعض أفكارهم في المرفإ
يخبّئون قلوبهم في غرف باردة، كالموتى
يكتبون مذكّرات مشحونة باللّحظة
أقدامُهم تتسربل من تزاحم اليأس
رؤوسهم تمشي بلا أجساد
خدودهم تتورّدُ بالصّفع
أحلامهم تكتفي بالنظر خلف الستار
هم يتيبّسون كعظم قديم
لهم فكرة “الجرح”، وحرج “اللحظة”
يسكنون الأساطير وألغاز الجدّات
يكتبون على نصف المسافة
يخيطون رايات بيضاء
يضمّدون الأرق
يـــبِيتُون مع طفولتهم المبتورة
يتسكّعون في شوارع الجيران المخزّنة في رفوف الذاكرة
يحسدون الفعل “الماضي” ولا يَبْنُونَه على “الفتح”
يغلقون مسامات “الحاضر” ببخار العدم
يعدمون الإثارة في الفعل “القادم”
يفعلون كلّ شيء، إلاّ السّفر في الأزمنة
…
هم سريعو الذّوبان في سائل الظّرف
يملكون صلاحيّة التعدّي على عذريّة “الأمل”
يخفقون، كشراع عالق في دوّامة
يحاولون اكتشاف وجه الرّيح
يصّاعدون كحبّات البشار
يتفرقعون كملح يمنع الحسد
يحسدون زخّات الرّبيع
وقطرات النّدَى على وجه وردة الحياة
…
اليائسون؛
لا يعترفون براحة البال
لا يتقابلون في وضح النهار
لا يتحمّلون فصل البَـرْد
ولا فصل الحَرّ
هم بارعون في فنّ التذمّر
هم عثرة الطّريق
خلطة الرّأس الأصلع
أمْنية العاهرات
وصفة امرأة عجوز
هم فجوة الوقت المؤجّل
نفق الخطيئة
عطل الإنارة العموميّة
طعنة الشّمس
يرتّبون أغراضهم على مقعد حَجري
ينحتون تردّدهم كَيَتِيم يخاف نظرات الشّفقة
يُرَبِّتون على كتف الفجر،
كي لا يوقظ قلوبهم المدفونة في غرف باردة
…
لأنّكم يائسون
تفقدون البوصلة في المهد
لا يمكنكم المسير إلى أيّ مكان
ولا حتّى الوصول إلى قبر.