الثقافةشعر فصحى

فوزية العكرمي

تونس

مَتَى تَحِينُ حَياتِي أَيّها العالم الأعْمى ؟
*فوزية العكرمي

لا أقُولُ شَيْئًا لِلّاشَيْء
الكَلامُ قَاتِلٌ
والنّوايا مِقَصٌّ وَحافِرٌ
وأَنا مِنْ لاشَيْءَ
مِنْ سَعْفةٍ مهدُودة الأثْداءِ
أُطرِّزُ الرِّداءَ حَتّى تحْفى المَعانِي وتَعْتلّ المَعادِن
لَسْتُ مَعْنِيةً بِمُداواةِ أحَدٍ
لَسْتُ نبِيَّةً لِأُبْرِئَ الأكْمه والأبْرصَ
لَسْتُ يوسُفَ
لِأُعَلَّقَ قَمِيصِي شَهْوَةً على السّكاكِينِ المطْلِية بالذّهبِ
وأفُوزَ بالتصْفِيقِ المُمِلِّ
أَنا ذِئْبُ الحِكايَةِ
عِنْدما كانتْ الكِتابة السّومرِية فِكْرَةً عَلى فِراشِ المُمْكِنْ
كُنْتُ أتهَجّى خُطى السّحابِ عَلى جناحِ الطّيْرِ
أُراقِصُ ظِلّا رومنْسِيّا يَهْبِطُ من السَّماءِ بِرشَاقَةٍ
كُنْتُ أصُوغ السُّؤالَ تلْو السّؤال
مَتَى تَحِينُ حَياتِي أَيّها العالم الأعْمى ؟
أَنا زُليْخة
الشّهوةُ الرّاكِدةُ في الأدْغالِ والمِياه الآسِنة
أنَا الامْتِحانُ العسِيرُلِكلِّ نُبُوءَةٍ
أَنا سُقوطُ آدمُ
وَحِكْمة الغُرابِ
أنا سُقُوطُ التفّاحَةِ فِي فمِ نيوتن
وعبْقرِية بيكاسُو
أنا اليَدُ التي احتطبَتْ وقتلتْ وقطَّعَتْ الأذُنَ والمخالِب
لَكِنَّكم تَتعفّفون لِتُعلّق صوركم على السّتائِرِ
أراكُم عُراةً الآنَ
تَغْمِسُونَ أصابِعكُم كُلّ صباحٍ في الدّماء الطاهِرة
لِتَطْرُدُوا الشَّياطِين والبَغايَا عَنْ أضْغاثِ أحْلامكم
وَأنا هُنا واقِفَةٌ
تَرْجُمونَنِي حِينًا بِالقصائِد وكتُب الشروح والوصَايا
وَحِينًا تَلْعَقُونَ فِي أَلِفِي كُلَّ الخَطايَا
يارَب مَتى تَحِينُ حَياتِي ؟
فَقدْ عاشَتْ بِأرْضِكَ أُنْثى تُشْبِهُنِي
هِي من طِينٍ
وأَنا هُنا آلِهةٌ من حلْوَى لا أجُوعُ
لكِنّني من حِينٍ لآخَر أصِيرُ مبِيدًا للمَشاعر …

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق