شعر فصحى
فتحي القمري. تونس
سماؤهنّ معطّبة
——————————-
في ما يشبه مدينة من ظلمة ودخان
قرويّات يخرجن لأيّامهنّ مطعونات .
كبحّة عود الثّقاب
تخيط الأحذية المعتلّة خطاها.
وتثقل سيقان ورّمها الوقوف في انتظار مساء بعيد.
يتلقّف برد الشّوارع رؤوسهنّ الصّغيرة
ومحافظهنّ المخدوشة ألوانها.
يلاحق برد المشاعر أطراف أصابعهنّ
التي اشتاقت لغنج الموّال
حين تزهو به ثغور حول النّبع
كانت تخلط الغناء بالضّحك.
والأحلام التي عبّأنها ليلة السّفر؟؟
هي الأخرى
تئنّ مع كلّ خطوة باتجاه المساء البعيد.
الحالمات كنّ.
كلمّا مرّ الهواء بين زرّ وزرّ
يهتزّ الفؤاد
وتغرّد الزّهور في ضمّة فستان يخضرّ
فترجف الأسنان لولا بياضها،
ويتكسّر الموّال بين شفاه
مازالت تتدرّب على العضّ.
المجروحات هنّ
منذ تركن الجرار تحت كرمة البيت
أو خلف كومة القشّ
أو إنّها هناك ناحية الزّرائب
حيث كنّ يواعدن الرّفاق.
أو ربّما نسين ثقل الجرار
واندلاق مائها مع كلّ خطوة كانت باتجاه القمر
كما نسين برد القرى
و ظلّ موّالها يضيء ليلهنّ مفردا
المجروحات هنّ
منذ غطّين منسجا بلحاف
غشيه الآن تراب ورائحة موت.
منذ تركن عضّة الشّفاه في مناديل ودّعت الرّفاق
وفي وشمة جفّت في جبين جدّة تنتظر الموت
أو في تنهيدة يضجّ بها أب أعياه البحث عن جلبابه
وامتلأ صدره برائحة البنت.
المجروحات هنّ
أنفاسهنّ في الطّريق نحو المساء
تواصل سعالها
و برد الشّوارع يحرق في رؤوسهنّ
أعوادا خيطها ظلمة ودخان،