شعر فصحى
حسين نهابة
بغـداد – الشاعر العراقي حسين نهابة
عيناكِ ما خُلقا لدموعِ خَيبةٍ بَديلة،
ولا لقدرٍ آبق في زَمنٍ مُستعار،
عيناكِ لهفةُ مَحروم،
تَكالبتْ عليه ذئابُ ذكريات،
ولم يَعد يَقوى على الفِكاك،
عيناكِ واحةٌ عَذراء
يستفيقُ معها الفَجر مُبتهلاً،
في مقهى عابر،
على مَفرق ما، في طريقٍ طَويل.
عيناكِ، نشيد مُثقل بأعباء العطش،
ومَسيرة ليلٌ طَويل
مَصلوبٌ على نافذةٍ مُواربة،
سمّها حُلما.
يا حَسرة ارهقتها تَناهيد سَطوة الأماكن
حين تَخلو من خَريفكِ ومن شَهقةِ الإنتظار،
عيناكِ مِزنة
لا ترتوي من رَحمِ عاقر
أذلّها طِفل ولِقاء.
عيناكِ، سُفن مُعذبة
تَنقلُ بين دفتيها عَبيدٌ وكلام،
عَصية، تُعلن تَمردها دون رَحمة
للخَلاصِ من مَلاّحٍ مُتمرس
على الوعود.
المَرايا في حَضرتكِ، عَدم،
ولا مَلامحَ تَشقّ دَرب الرَحيل،
برؤوسها المَصلوبة على مَناسكِ الصَبر.
لا أحد بَعدكِ سيرسمُ البَسمةَ
على شفاهٍ عَطشى للاشتعال.
عيناكِ، صَلوات
تُجرّد الفُصول من مَواسمها،
وتِجوال قَلم يتيم
في شَوارعِ الذاكرة الذبيحة.
عبثاً أبحثُ بين بطانتي
عن مَفاتيحِ غيبكِ المفقودة منذ طيف،
عبثاً أتحممُ تحت صُفصافة مُعطلة
وشال هارب،
عبثاً أطل من قلبي الصَغير الذي
لم يتسع لسواكِ،
وأمدُ عُنقَ الطُموح نحو حُصرمَ الأخريات.
عيناكِ، حَياء بنفسج حَزين
ما أنصفه التاريخ، فتورّد بوعودٍ كاذبة.
هل أرثي ابنةَ الخوفَ التي
ما اعتادت الانتكاس؟
أم لبعضي الأربعيني المُنتهك
بلهاثِ انسدال العمر والأرض؟
يا كلّي،
الشوارعُ تَغصُ بضَعفي
والساحاتُ خجلةٌ من الوجعِ البربري.