سُكارى أنا وأنا
والآهةُ
نَدقُّ كؤوساً مِن عَرَق
في صحةِ الوجع.
خارِجاً مني
غارِقَاً فيما ليسَ مني
أزدَرِّدُ الحياةَ
كَبِزرٍ ليقطينِ الوَجَع
ما مِن إلهٍ
ولا شيطانٍ
يخلعُ عني
ما شَوَّبَ الرّوحَ فيَّ
ولا أربابَ
ولا أبالِسةَ
آخرين
يُعيدوني إليَّ
لم تَعُدْ ذاتي وطني صارت منفايَّ
بعدَ اجترارِ كُلِّ ما كانَ مِني عَني
فاقدٌ نَفْسي
راحِلٌ عَني
أنايَّ ليست أنايَّ
أنايَّ منفايَّ
لئلا أبقى دونَ وطنٍ
سكنتُ الغربةُ فيَّ
لئلا انتحرُ
اعتَكَفتنِي سقطتي
وترَهَبَّت فيَّ آهةُ وجعي
سليبُ كُلُّ طيبةٍ
نديمُ كُلُّ ندمٍ
مِهمازُ كُلُّ النهرِ الجارفِ بيّ إلى الغرق
لئلا أنسى
أُحَدِّقُ طويلاً في خَنجرِ الطعنةِ
طويلاً جداً يَغْرِّزُهُ نَظري فيَّ
لئلا أنسى
أعيشُ في الطعنة من جديد
أعيشُ كالعادةِ في غَفْلتي
لا طاقة لي بِشَرٍّ
لا قلبَ لي بأذيَّةٍ
جِبْلةٌ من الصمتِ في التَحَمُّلِ
لي آهاتي
لي مملحَةُ جِراحاتي
لي رُّوحُ العفوِ عن كُلِّ الطعناتِ.
سُكارى ىأنا وأنا
والآهةُ
نَرفَعُ نَخْبَ الوجعِ
سيّرةَ حياةٍ
ظِلَّ بقاءٍ
رايةَ قلبٍ
مُهَدَّدينِ أنا وأنا
بِذاتِ رئةِ العُمرِ
مُهَدَّدينِ “بِزهايمر” ذاكرةٍ لن تهدأ.
ساهيِّينِ عن الحياةِ
أنا وأنا
لم نَعُدْ
لم تَعُدْ لنا حياةٌ
ذاهبيِّينِ كعبيديِّنِ في سوقِ نخاسةِ
طيبةِ طعنتنا.
آهٍ
من سكرةٍ
تَنْشِّدُ
تَرقُصُ
على جمرِ دمعتنا
ما من رحيلٍ عنا
أنا وأنا
يتركُ آفة طعنتنا
بأيدينا لنا.
ما مِن بقاءٍ يُهَدِّىءُ مِن نارِ أذيّةِ فلبنا لنا
سُكارى
أنا وأنا
والآهةِ
مُتَوَجيِنَّ الوجعَ
أميرَ ظلٍّ يتبعنا
سُطَ رّوحٍ يَجْلِّدُنا
حُلمَ حياةٍ نعيشُهُ
آهٍ يا وجعُ:
صادقْتُكَ
فآنستْ حياتي بكَ
أكْرَمْتُكَ
أرديتني بِقتاعِ الحبِّ
في كَفنِ كَرَمِكَ
في صخبِ صرخاتِكَ
في هدوءِ خطواتِكَ.
فيَّ أنتَ يا وجعُ
لا أرفضُ
بيَّ أنتَ أقْبلُ
غدي أنتَ أعيشُكَ
فقط
خُذني مُتطهِراً بما ليسَ مِني عني
لأبُقيكَ.