#المدينة الفاضلة …
لا تعرفُ الكنّةُ ما تعرفه العجوز عن إبنها لكنّها تعتقد أنّ العجوز تحبّه لأنّه إبنها
وهي تحبّه لأنّه ليس إبن العجوز أصلاً
وفي صراع الحضارات هذا
تبرزُ مشكلة أخرى
إذ تكون الحقيقة هنا خاتمًا بيد الرّجل يُبرزه
لهذه و لتلك بطرق مختلفة يوميًّا
يقول لأمّه مثلاً
” ثديكِ الجّذر البعيد ، نقطة إنطلاقي إلى الزّمن”
و يقول لزوجته
” ثديكِ الشّجرة كلّها ، نقطة تعرّفي على الرّيح ”
ثمّ يضرب لكلّ واحدة منهنّ
مثالاً قديمًا
فيقول لأمّه
” لو انكسر كوبُ الماء بيدي
فسيختلط الماء بالدّم
لكنّني أستطيع أنْ أنزع الدّم من الماء
فللدّم لونه و ليس للماء غير لون الدّم نفسه ”
و يقول لزوجته
” لكنّني أستطيع أنْ أنزع الماء من الدّم
فللدّم لون واحد و للماء الألوان كلّها ”
و في الليالي الطّويلة يجدُ الرّجل حرجًا بإبتكار قصّة
مغايرة لأمّه عن الذّئبة الّتي اكلتْ لحم
زوجها أو عن الزّوجة الّتي تشعل لهب البيت
و بلهجة أخرى يخبر زوجته
عن عدوى الأمّهات كقناعتهنّ المفرطة بحكمة
متناقضة من قبيل أنّ جنّات بعرض السّموات
و الأرض ستتكوّر تحت قدمٍ من شبر واحد..
لكنّ الرّجل ماض إلى العمل
او إلى الحرب مثلاً
في اللحظة تلك تصطدم الحضارتان
مفتتحتين صراعًا عن المدينة الفاضلة
وعن الحقيقة إنْ كانتْ مع الدّم
أو مع الماء
مع الذّئبة أو مع الملاك
دون أنْ تدركَ إحداهما أنّ الصّراع التّاريخيّ هذا
لا يفرضه التّاريخ نفسه
بقدر ما يفرضه الحاضر الحاليّ
بمعناه الأوسع من الحاضر فقط
وهو أنْ تعيش امرأتان من زَمنَين متفاوتَين ببيتٍ واحد!
▪▪▪
#عامر …