الثقافةشعر فصحى

هوشنك أوسي – بلجيكا

طلاء أظافر

يداكِ قصيدتان خجولتان وشهيّتان

الأظافرُ فيهما قوافٍ، ليست بقوافٍ.

في مكانٍ وزمنٍ ما

يَحدثُ أن تعانقَ قصيدتُكِ اليسرى قصيدةً أخرى

وتبدأ رؤوسُ الأصابع تبادلَ الهمسِ والقبلات الخفيفة.

كلُّ أصبعٍ يقبّل خفيفاً.. رهيفاً الأصابعَ الأخرى

وكلُّ الأصابع تقبّل خفيفاً إصبعاً واحداً

وتبدأ حفلةُ البوحِ بما يجول في الأفئدة والأرواح والأخيلة

تحت الطاولة، بعيداً عن أعين الحشود.

وإذ باليدين القصيدتين، تتحوّلان إلى راقصَيّ باليه

يقفزُ بهما هياجُ الرقص إلى حافّة الطاولة

ثمّ تسارعان في التواري خجلاً.

يقول الكرد في أمثالهم:

“إن تعرّقت يدا رجل وامرأة أثناء الرقص، تمازجُ عرقهما، عقدُ قِران”.

فماذا تقول الآن يدُكِ ليدي؟

***

 

تعتنين بإظافركِ وطلاءها، اعتناءكِ بعينيكِ، شعرك، جيدك، نهديك

وموضعِ كل بُرعمٍ أو وردةٍ في جسدكِ.

حريصةٌ على أن تبدو يداكِ سربَي حمامٍ بمناقير

حمراء، ورديّة وملوّنة.

بارعةٌ في تحشيدِ القراصنة حولكِ

وإثارة أشرعة سفنهم وصواريها،

وقطعِ حبال مراسيها بأظافرك

كامرأةٍ تلقّمُ نهديها لفراخَ الشفقِ

وتمسحُ بأناملها على بيضِ الكراكي.

حريصةٌ على إغراق الناس في عطركِ حيناً

وفي فوائح تعرّقكِ، أحياناً

تماماً كحرصكِ على كمائنكِ.

ظلّكِ كمين، وصوتكِ كمين.

عطرُكِ كمين، وابتسامتكِ كمين.

ويا سبحانَ فخاخكِ وكمائنك المنصوبة في الأمكنة والأزمنة!

لحضوركِ أظافر مدببة، مطلية بالسمّ والترياق.

ولغيابكِ مخالبٌ مطليةٌ بوهجِ المراهقة

التي تجعلُ القلوبَ مواقد حنين وشوق.

***

حينَ التقيتُكِ أوّل مرّة في محطّة القطارات

كانت يدكِ تلوّحُ لي من خلف زجاج قطارٍ مُغادر.

وحين التقيتكِ في الباص،

كانت يداكِ مشغولتان باحتضان كتاب تقرأينه.

ثالث مرّة رأيتكِ في أحد الموانئ،

كنتِ تصعدين سفينةً على وشك الإبحار

يدُكِ اليسرى تلوّح لي

واليمنى تحمل حقيبة مليئة بضحاياكِ.

وفي إحدى المقاهي على ساحل بحر الشمال

حين رأيتكِ للمرّة الرابعة

كانت أصابعكِ تنقر على خشب الطاولة

أثناء استماعكِ لأغنية ما.

لا أعلمُ إن كنتُ سأراكِ مرّة أخرى؟

ما أعرفه أن تلك الطاولة، كانت قلبي

وذلك القطار، والحافلة والسفينة أيضاً.

والكردي إن لم يجدْ امرأةً يعشقها

ويكتبُ لها وعنها للبراري

يُؤنّثْ الحجرَ، ويتحرّشُ به شِعراً ونثراً.

الكردي؛ ضنينُ العشقِ

وصنيعُ الهاويةِ والحروب والهزائم.

الكردي مراهقٌ أبديّ وعاشقٌ سرمدي للحريّة

ولكن عشقهُ، من طرفٍ واحد.

 

اوستند – بلجيكا

12/3/2019

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق