قيل لي اخترْ بلاداً ترعاك
تسعك و تجفف بيتك و دمك ،
توفر لك الخبز و العتمة و الأيام
فاخترتك أيها العراق البهي
أيها الإسم المناسب
للغابة الحزينة،
اخترتك يا رفيق خجلي القديم
و خوفي و أسوأ هواياتي
يا سمكتي العاهرة
أتعلم السباحة
لأبحث عنك
و أغرق لأجدك عفناً على السطح !
♤
أشرح لطفلك في بطنك
أشياء عن ندمي و هجرتي و موتي
أخبره أنني أحب البطن
الذي يحمله
و يشفع له و يحميه،
أخبره
شيئاً عن بلادي
وأنت تفكرين بإجهاضه
شيئاً عن إلهي
وأنت تفكرين بأن تهبيه حياته كاملة،
شيئاً عن حبي لك
وأنت تلدين !
♤
لا أستطيع أن أشكر أبي و أمي
لأنهما حملاني
في الطوفان
و أعدا لي مكاناً دافئاً لأعيش،
لا أستطيع أن أخبرهما
أنني راض عن حياتي
إنها ليست مفاجأة
فالمصاب العزيز كان متأخراً للغاية
لقد ضرب الطوفان العالم
سنة ٦٥٦ للهجرة
و ضرب العراق سنة ١٩٩٠ للميلاد !
♤
عندما كان الإله صغيراً
قال أتمنى أن أكون إلهاً صبوراً
في الصحو و في الحفلات
في الأخطاء و الكوارث
في جفاف الشلالات و في انقطاع النسل
سيهبني البشر
فرصة طويلة لأستجيب
سأرد على الرسائل القصيرة فوراً .
لكن أي شيء من ذلك
لم يحدث
ظل الإله صغيراً
و ظللنا نكتب الرسائل الطويلة إلى الله!
♤
أنت في الصور أرق
مما تبدين عليه ،أطول و أشد بهجة.
في الصورة
التي تبكين بها
ثمة إبتسامة خفية كأنك تعرفين
أن المدن كلها عابرة
مثل دخان الموانئ .
أياً كان الزمن الذي عشناه
فإنه طفولتنا القصية
خبزنا الأسمر الألذ
قبلنا الطائشة أيضاً.
في الصورة التي تمشين
بها مع رفيقاتك
كنت تقفين شاحبةً ،
أما في الصورة التي تقفين بها
قوية و فاتنة
فقد كنت تمشين معي!
♤
في الحل و الترحال ،
في كلماتي التي أستعيرها و في جفافي،
عندما أغتم و عندما أطير
ليس هناك سوى المرأة
كلها أو بعض منها
في فجوري و عفتي
في بكائي
و في نسياني كل شيء،
ليس هناك سوى المرأة
كلها أو بعض منها
في الحب و في الضغينة
في الرغبة و في السأم
في أوراق الميلاد و في حقائب السفر أيضاً.
ليس هناك سوى تلك البذرة السحيقة
في هذا الجسد الخصب
المرأة التي لن تصير ماضياً
لأنني لن أحبها الآن!
♤
لا أكتب الشعر من أجل أن تبدو
حياتي أسوأ
من أجل أن أبكي مثل شجرة
مقطوعة،
أو من أجل أن أخدعك
بالمباهج و القصص و الأغصان
بالمواويل
و بالصور
لا أكتب الشعر من أجل
الأبدية
أنني لن أعيش أكثر من يومين
هذا اليوم لأحبك
و غداً لأحميك من هذا اليوم فقط!
♤
تنتظرين أن أصير صلباً
مثل الجدار ليمكنك مبادلتي الحديث
بصخب ،
ليمكنك لومي و تعنيفي
البكاء حولي و علي
ومن أجلي ،
ليمكنك مبادلتي الحب
إن وقعت فجأة
أو مبادلتي المرح
إن ظللت صامداً و حجبت عنك النور !
عامر الطيب