قبضة أبي
لأول مرة ألتفتُ إلى الجزء الذي اختفى
أمام عدسة المصور
أبي بوقفته التي حفظتُها كالوشم
ويده اليمنى مرفوعة
في وضع تسديد ضربة
والقبضة خارج الكادر
كان في شوطٍ ودي لكرة المضرب
مع أخيه
أو صديق
ربما
أو ربما كان يستعد لإلقاء حجر..
يده تشبه يدَ حنظلة
تهم بالفعل
الذي لم يكتمل أبدًا
خلفية الصورة في المدينة الساحلية
التي نُبِذ منها المحتلُ منذ قليل
هل حملت اليدُ بقايا سلاحٍ تمزق
أو عورةً من جسد الغاصب
هل كان يشير إلى بعيدٍ
راحلٍ
لم يلتفت ولم ير الكف أبدًا
أو كان يفتح بابًا
ضخمًا
أو عاليًا
هل خاضه؟
في البيوت الكبيرة القديمة
كانت المنافذ كثيرة لعبور الفئران
ومشهد المصائد معتاد على امتداد السور الخفيض
أو بين الطرقات الرحبة للغرف الداخلية
كانت المصائد تُلقي ما علق بها
كل يوم
وعلى البحر الرائق
كانوا يمارسون الصيد للتسلية
بسناراتٍ ثقيلة،
ترفعها أذرعهم على مدد الطول
وطُعمٍ خفيف
لا يكاد يغوي السمك الملون
وصناديق خشبية تتنفس
فوق رمال حريرية بيضاء
كوشاح أميرة ناعمة
لم تتسلل أبدًا من صفحات الحواديت المخملية
إلى قلب المدينة
ذي الإسفلت المتشقق
والخطى الثقيلة
وبقايا أيادٍ تيبست بقبضة ابتلعت الطَرقةَ
والضربة
والنداء
والسلام
ورفعت سنانير الصبر إلى حرف المدى
حتى توارت.