الثقافةفعاليات ثقافية

سلمان كاصد

العراق

الأصدقاء الأعزاء من الأدباء والمثقفين
استكتبت صحيفة الاتحاد الثقافي آراء خمسة مبدعين في شأن ثقافي مهم وهو العلاقة بين المنتج الإبداعي والاستقبال النقدي أو التذوقي وردة الفعل أزاء ما يكتب بالنظر في تحكم العلاقات الاجتماعية والمجاملات الموجهة للكتابة ، ومدى صحة ما يتداول من أن المجاملات قد استفحلت وتمكنت من العلاقات الابداعية الحقيقية ، اذ حالما ترتفع المصالح الذاتية تهبط وتيرة العلاقات المنطقية بين الناقد والمنشىء
، لهذا أضع هذا الرأي بين أيدي الأدباء والمثقفين ليدلوا بآرائهم بصراحة وموضوعية وبدون مجاملة :

الدكتور سلمان كاصد
أرى أن هذه الظاهرة تبدو مشكلة مستعصية وأزلية و لكن أن نقول إنها تشمل العالم كله فهذا شيء غير متخيل أو رأي لابد من محاورته بدقة ليتبث حقيقته ، لأنني أتصور أن تقدم الثقافة واجتراح الأفكار والمفاهيم الجديدة لم يأت إلا بسبب حيادية الرأي ووضوحة بعيدا عن المجاملة والانحياز لنص لا يرقى للإبداع الحقيقي،
السؤال ؛ هل ثمة نظريات نقدية حيادية تستطيع أن تحجم الناقد لأن يقول رأيه بصراحة ووضوح ، ربما نجد هذا في النظرية البنيوية التي حاولت اللا تكون معيارية ، لأن هذا السؤال يصب في قلب معيارية النقد أم عدمها .
هنا في عالم الشرق البنى الثقافية متصادمة ، عدائية ، مضخمة الأنا ، لذا من الصعب أن تدلي برأيك الضد إلا وتجد من يتخاصم معك وينصب نفسه عدوا لك ويتهمك باللامعرفة ،وعليه يصبح من المنطق أن نذهب للحياد ، ولكن هذا الحياد في كثير من الأحايين يتبدد بفعل الضواغط الاجتماعية بما فيها المنظومة الفكرية العشائرية التي ترسخت في ذهن بعض مستقبلي النص الأدبي والحكم عليه.
السؤال : متى يكتب الناقد وعمن يكتب المتخصص ؟
أعتقد أن الناقد المتزن لابد له أن يكتب عن النص الذي يسترعي الانتباه ، والذي استطاع أن يستحوذ ، ويلفت انتباه الناقد أو القارىء ، والذي يثير جدلية التناقض في أعماقه.
أتذكر مقولة للدكتور علي جواد الطاهر عندما سئل لماذا يكتب يوميا ومختصرا في الصحف بعد عودته من باريس ؟ فرد بوضوح : إنها طريقة احتفائية فرنسية بالنتاج الجديد حال صدوره ، وليست طريقة نقدية بالمعنى الأصح ، لأن النقدية تخضع للنظرية والتحليل الأعمق والمفصل والقيمي ربما أو الحيادي في أكثر الحالات.
من المهم جدا أننا يجب أن نفهم أن البحث عن المجاملات في النقد يذهب هيبة وموضوعية الناقد الأخلاقية، وبهذا نفهم أن النقد هو درس معرفي في الحياة وأخلاقي في التعامل مع الذات ذات الناقد ، يشبه إلى حد بعيد بائع السلعة بالسوق الذي عليه أن يخبر العابر عما يعرضه بصدق ووضوح ، وإلا فانه لن يبيع شيئا وسيخسر سمعته الأخلاقية والمعرفية .
والغريب أن هذه الظاهرة أي المجاملة قد دخلت الرأي والطرح الأكاديمي في السنوات الأخيرة ، الذي هو أقرب للحيادية والمبتعد عن القيمية والمعيارية ، وقد يسألني المتلقي كيف حصل ذلك ؟ .
فأقول بفعل الاستسهال المعرفي صار اختيار الموضوعة النقدية المتناولة يخضع لمعيار غير معرفي ، بل للمجاملات ، حتى أن النتاجات الكثيرة التي تناولتها الدراسات النقدية الأكاديمية لا ترقى لمستوى الإبداع ، مما جعلنا وفق هذه المعادلة الغريبة التي تحصل بالفضاء الأكاديمي نتأسف عليها ونلوم أنفسنا بأننا جيل خرب ما بنى السالفون من الكبار وشيدوا صرح المعرفة الرصينة .
النص الأدبي الحقيقي هو الذي يفرض ذاته ويدعو الناقد لأن يتناوله بالشرح والتحليل ، أما غير ذلك فلا يمكن أن يحصل إلا من خلال المجاملة ، أو أن يصبح انعكاسا لها ،
وبالتالي سيضيع النص الإبداعي وما كتب عنه .
السؤال أيضا: لماذا تكتب هذه المقدمات النصية لدواوين ومجاميع وروايات بهذه الطريقة المدائحية وهي مقدمات تمثل روح المجاملة والكذب والتلفيق ؟
ولماذا يرضى الأديب صاحب النتاج الأدبي أن يتصدر ديوانه أو روايته أو مجموعته القصصية نص كاذب مخزون بالرياء والكلمات الجوفاء والإنشائية المقيتة ؟
وحتى أن بعضهم يتساءل :
هذا ما يسمى الناقد يكتب عمن ؟
هذه ظاهرة أصبحت غير محترمة من جهة ، ولكن الأغرب أن بعض الأدباء يطلب بنفسه أن يكتب عنه ، وهناك من الأدباء من نصب نفسه ناقدا ، ونحن نعرف أن الإنشائية لا تتخطى نثر النص الشعري أوشعرنة النص النثري في مقالاتهم التي لا تسترعي الانتباه.
أعتقد أن النقد الحقيقي هو تبسيط وتأويل للنص الإبداعي وليس تعقيدا له ولا محاولة لاسترضاء المنتج للنص الأدبي ولا علاقة للمنتج به وهذا بالفعل ما يجعل النص محترما ومقبولا بامتياز.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق