شعر فصحى

عامر الطيب

العراق

الكتابة سيئة في مثل هذا اليوم
إن كنتُ عاشقاً
أو سائحاً
مطارداً أو مستقراً
رشيقا أو متأففاً.
لن أفي بوعدي لنفسي و أكون سعيداً،
لن أصلح ساعتي
لأهب حبيبتي فرصة ثانيةً.
الكتابة سيئة في مثل هذا اليوم
لكنني أكتبُ
لأن أصدقائي يقرأون
صديقاتي يقرأن
أنا أيضاً
أقرأ قصيدتي
كأنها مكتوبة من أجل الله ،
أقرأ قصائدكم كأنها مكتوبة من أجلي !

أنت بيتي لأن القصيدة
لم تساعد حياتي على النوم ،
العائلة لم تتحسس جسدي بحنانٍ كافٍ،
المدينة لم تهبني
صخرة عالية لأطير،
الكتب لم تكن سندي
في الخزي و الخسارة،
الآلهة لم تطردني بجسارة مشفقة.
أنت بيتي
لأن البطل في الأساطير
يعود منتصراً إلى المملكة
و خائباً
إلى البيت!

ضيعتُ لون الدم
فلم أعد أتذكر كيف يمكنني
أن أتجنبه
لكنهم في كل مكان
يتحدثون عن الدم البارد
و الدم الفائر
كان بإمكاني أن أستفسر
إلا أنني ظللت متجاهلاً
فثمة دم واحد
الدم الذي أحبه من أجلك
فيصير غالياً
أو أحبك من أجله
فيجف على ثوبي !

نغمي المريض و بوابتي
حريتي و سوء نواياي
نومي العميق
نومي المتقطع
أنت كل شيء لكني أحاول أن أكون بطلاً
و أحبك
مع أن الحرب سرقتنا
من رسائلنا
كلنا في الجبهة مهزومون
يسمح لنا بأن نرسل طرداً واحداً
فيفترض أن أصير ملغزاً
و أضع الكلمات التي تناسبكِ
في رسالتي العاجلة لأولادي!

انتهى الزمان الذي أردتُ أن أحبكِ
فيه و حل زمان آخر
بهلواني و نحيل
مفاجئ و مزيف و جذاب
وهو إضافة إلى ذلك
زمان سريع
لن يشفي حدسنا و مواطننا.
إذن سأعيش خائفاً
من أن أكتب لك
شيئاً عن الماء البارد
فيصبح خمراً !

عندما كان حبكِ إلهاً كان الرجال
مبتذلين للغاية
يصيح أحدهم
أنا بدين
أريد من حبك أن يخفف وزني،
يصيح الآخر
أنا عاطل أريده أن يجد لي مهنة،
يهمس الثالث
أنا مريض و خائب
و مديون،
رجل رابع يتمتم
أنا سريع العطب، أنا لا أفهم رغباتي.
عندما جاء دوري
رفعتُ يدي وصحتُ:
يا إلهي
أنني أريد أن أظل عابراً
و ها أنا أحبك إلى الآن !

أحبك في هذه البلاد
كما أحبك في البلاد التي جئتُ منها،
في هذه اللغة
و في اللغة القديمة ،
في هذا الوقت
و في الزمن الغابر،
قبل أن تجري الأنهار
قبل أن تصنع السفن و النايات
قبل أن توجد النسوة الغيورات
و الحاقدات
الطيبات و العاهرات
البدينات و الحاسدات
المرحات و المشبوهات.
قبل أن تستيقظي مطرودة
بمزاج ملائكي عالٍ
تعتقدين أن حياتكِ ستقع
في فضاء هائلٍ
فأدبر لكِ الأرض !

مضتْ حياتي على هذا المنوال
هادئة كبيت بغرفة استقبال
و غرفة نوم
و مطبخ و حمام
و حديقة هائلة حول البيت .
غرفة الإستقبال
للأصدقاء العابرين،
غرفة النوم
تبدو معتمة أو بأضواء خافتة
أنها للآلهة
و الحبيبة و الأسرار،
الحمام لأن ثمة الكثير
من الأشرار الذين سيولدون فجأة ،
المطبخ للغرباء
الذين يؤلفون الكلام بإنتظار الأكل.
حياتي لم تكن مريرة
ولن تصبح مريرة
إلا عندما أحبك بإفتنان وخدر
فأفتح باباً من المطبخ
نحو غرفة النوم!

بعد الرابعة عصراً
سأصير صلباً و أجوب الشوارع
بموسيقى أو بدون موسيقى
ستكون لي مشية
الرجل المهاب
أو الرجل الوحيد
لن تكوني سيدتي أو قطتي
أو الحكمة التي أنشدها.
بعد هذا الوقت
لن تبكي حواسي
لأنهم يكتبون اسمك سهواً
في بطاقات الأعياد
لن يرتعش بدني
لأنني لا أخاف على قصائدي
الصغيرة
من الموت !

عامر الطيب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق