الثقافةشعر فصحى

ريتا الحكيم

ريتا الحكيم/سوريا

حديث لن يسمعَه أحد
——————————————–
شكرًا لجدران أربعة تحمَّلت نزَقي
لم تتأفَّف أو تشتكي
وأنا حبيسةُ قضبانٍ من الحديد تُسند ظهري
أتنقل بها كرجل آلي

شكرًا للصُّور المعلَّقة عليها وهي تراقبني
وفي عيون أصحابها رغبة ملحَّة
في أن تحدث معجزة وتخرج من إطارها
لتربِّت على كتفي مواسيةً.
شكرًا لخطواتٍ مجهولةٍ كنت أسمعها وهي تعبر سلَّم المبنى صعودًا ونزولًا، وحين تتوقُّف ليلتقط أصحابها أنفاسهم
يتهيأ لي أنني أسمع جرس الباب

شكرًا لأمِّي الراحلة لأنها غادرت تربتها وجاءتني على عجل
فأعاد الوجع تدوير آخر أيامها في جسدي
أنا العاجزة..
المنكسرة..
ألوذ بخيالاتٍ غائبةٍ عن مسرح حياتي الضَّيق
أتأبط غربتي وأجول العالم في طائرة ورقية
صنعتها أيامي الرَّتيبة
تمتطيها روحي كحصان طروادة<
ثم تؤوب إلى برودة القضبان الملتصقة بجسدي

شكرًا لطَيف أبي وأنا أسترجع طفولتي في حضنه الدافئ في لحظاتي العصيبة تلك
شكرًا للموت الذي تعلمتُ منه أنَّ الحياة قيد وبه وحده الخلاص

شكرًا لكل فكرةٍ وُلدت من رحم الألم
وأنجبت لي أبناء يشيعون الفوضى في ذاكرتي

شكرًا لكلِّ طعنةٍ في خاصرة حياتي
فلولاها ما عرفت لون الكراهية الدَّاكن
وشفافية المحبَّة

شكرًا لرَجلٍ لم يخيِّب ظنِّي
ترك لي ظلَّه..
وكلما شعرتُ بصقيع الوحدة يعود إليَّ ليدثِّرني به

شكرًا لكل شعرةٍ بيضاءَ غزت سواد شَعري وخلفها أخوات لها يتسابقن لاحتلالهِ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق