شعر فصحى

دارين حوماني

أكتبي الشعر أولاً

أكتبي الشعر أولاً
قبل أن تأخذي مقاس ضغطكِ
قبل تعليم أطفالكِ الدروس اليومية
وقبل أن تبدئي التفكير
بالرؤوس الملفوفة بالسواد..
قريباً ستتوقف الحضارة
عن تنشّق الشتاء
وسنقبع بلا معنى
داخل عالمٍ إلكتروني
يفصل بيننا صحنٌ طائر
ووهمٌ عميق..
الأرض الداخلية
التي بناها طفلٌ خشن اليدين
وحده يقف على الماء
وحوله الرؤوس العميقة الظلمة
يريد أن يكتب الشعر أولاً قبل التفكير
وقبل الدواء
وقبل الخروج مع أطفاله في نزهة يوم الأحد
قبل الصورة الفوتوغرافية
لمساعدةٍ منزليةٍ سوداء
تطمح أن يكون عندها هاتف نقال
وموقع إلكتروني إجتماعي..
أريد أن أجلس معكَ على طاولة
وأن أحبكَ أكثر
وأن أتمنى لو رأيتكَ في بورتريه
في فندقٍ مهجورٍ منذ عشرين عاماً
فقد مرّ العمر كصورةٍ فورية
لا معنى في تجاعيدها
سوى ثقل القدر
ومدى واسع يتسّع للهبوط مراراً
وفعل أي شيء
إلا كتابة الشعر..
أنا تلك المرأة
التي كان طفلٌ في داخلها
يحلم بأكثر من هذه الحياة بكثير..
الآن تريد أن تخرج من المستنقع فقط
الذي إسمه الحياة..
الحياة التي لم تستطع تبديلها
تتشعّب فيها
مثل لحى رجال الدين
حيث الظلام يقبع
دون الحاجة إلى كتب إضافية ..
ديسمبر يمرّ
في الزمان غير المناسب له
هذا ما أحسّه
صورة لي منذ ديسمبر العام 1977
كانت تكفي لأحدّق في هذا الزمن مراراً
بحزنٍ بالغ
وأقول
أين أنتِ يا برناديت
الحقيقة كثيرة عليّ
كنت أريد أن أقول لكِ شيئاً عن الحقيقة
أنها رمادية
ولها لحية مخيفة
لماذا أخرجتني من بطن أمي
هل كان ذلك ضروريا..ً
ثمة أشياء لا يمكن حذفها
من مسار النحلة..
أريد فقط إستراحة من الحقيقة
وأن أتنشّق من أحب
بصمتٍ مطلق..
الحقيقة تنشّ بالسواد
الكتب الجرائد تنام في سريري
وأنا أريدكَ أكثر
لأنسى الحقيقة
ولأكتب الشعر أولاً..

دارين حوماني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق