الثقافةشعر فصحى

جبار الكواز

العراق

يظل رهين المحبسين،علامة حياتية فارقة للشعر والشعراء ،يقود جيشا من الباحثين عن فرصة صناعة معادلة تقف خارج الجسد /القفص، الروح /الحرية، خارج ضرورة إعادة شظايا الحياة إلى حالها الأول، هل كان جبار الكواز الطائر يبحث عن قفص /امرأة تمكنه من العودة إلى الشكل الأول للحياة قبل أن تتفتت، قبل أن تتحول إلى غبار، إلى مجموعة حوادث ووقائع، قبل أن يتمزق الزمن بفعل سلطة الوهم عندما حوله الإنسان إلى هنيهات ولحظات،
جبار الكواز الشاعر وابن أبي العلاء هل كان باحثا عن آب آخر شعري ولي بايولوجي، يستعين به على مواجهة القفص /الحسد، القفص /المرأة، باحثا عن أفعال حياتية قادرة على مقاومة التشظي /الخراب، هل كان قاصدا الأب تحت تأثير سلطة الإلغاء /الموت، أم كان يروم مواصلة مهمة الشاعر في الإبقاء على الروح منطلقة، غير مكبلة بما نطلق عليه تسمية الجسد، أن الخروج على طاعة الجماعة، ومحاولة تحويل هذا الخروج إلى قانون مكن القصيدة /الشعر من أن تؤكد روحانيتها، في وقوفها خارج الجسد /الشكل الشعري المنتمي إلى الطاعة، هل كان جبار الكواز لحظة الكتابة وسط أفعال تزاوجية مابين الروح /القصيدة والقفص /الطاعة، هذا ما يؤكده إصرار الشاعر على الكتابة الخارجة من القفص /القدامة ،والذهاب ضمن فعل مقدر له غير متفق عليه إلى حيث يشكل البحث عن حرية الروح /القصيدة أكثر من هدف يتمكن الشاعر من خلاله التخلص من الجسد /الشكل، لم يكن الموت يشكل عائقا في الكتابة عن الحياة، بعد أن تأكد أن الموت فعل يصيب الجسد /القفص وليس الروح /الانطلاق، أو الروح /القصيدة، ليس بمقدور القاريء هنا، في لحظة استقباله لمكتوبات الشاعر جبار الكواز أن يتحول إلى جامع شظايا، رغم أهمية هكذا مهمة، فهو لا يدعو القاريء إلى صناعة قفصه الذي سيكون بيت القصيدة، فالكتابة هكذا لا يمكن أن تستجيب لافعال التعليب، أو تحويلها إلى متحف /جهاز حفظ، حيث تتمكن القراءة من صناعة استقبالاتها المستحدثة، لا ثبات في إنتاج استقبال القاريء للنص، بعيدا عن صناعة المتاهات، إلا أن الكتابة هي هكذا كائن يفر وفي كل لحظة من قفصه، وعلى القاريء أن يتابعه في طيرانه /تحقيقه، في صناعة الروح الخارجة من محبسها،
شكرا جبار الكواز.
( الناقد والشاعر الكبير حميد حسن جعفر)
واسط/العراق
++++++4+4

قفص مردوخ

نص(جبار الكواز)
بابل /العراق

لقلبي وهو يخاتل خلف مرايا العشب / ويقيس سعادته بمآتم تتداعى كجدار الوهم / قلت مدّعياً : أنا سعيد بقفصي / نصّابا في الخمسين / أمشي على سراط مخاوفي مثل محكوم هارب من ليل الظن / لا يفهمني أحد / خارجاً عن الطاعة / وماكثاً في المعصية / تقهرني دمعة عرق مغشوش / أكبّرُ قفصي بسلالة موتى / وما هم موتى / وأصغره كحبة سمسم خجلى / وهي تشمُّ السُم الصاهل في لؤلؤها / في متع / أقصّ له كيف تنام الريح على كتفيَّ ؟ / وكيف يسيل النهر كحلم مشنوق يتوكأ بالمجرى / وعصاه حصاه / ألوذ به / بمدينة في التيه نائمة / أجذبها من عنقها / مغمضاً أزقتها على سرج ظمأي / تدري أن العالم ينسى مفتاح السرَّ / ويمشي عارياً هادئاً كجمرة آدم / في شتاء غوايات أعزب / لا تدري أين ولا لا أين ؟ / أين أذني ؟ فلساني لم يتقاض أجرة دساسٍ في جدران الدم / أين فمي ؟ فلقد غطاه عسل يزهو بطنين رشاقته / يسرُد ما قرأ العلافون / عن أسباب سقوط حروف العلة / أين أصابعي المجنونة ؟ / فعيوني لمست مخدع من ماتوا / وأنابتْ تهمة تزوير البصمات بأسطبل العرافين الخونة / أين حروفي ؟ / فاللعبة زائفة حين نركب معنى / لنبررّ فعلتنا كعصا ” موسى ” بمآربها السرية / أنفي / يستجدي الطير ليلبس ريشاتٍ لا تنفع في تهجير قوارير الريح .
***********

أيتها السمراء النائمة في مرعى روحي / وحدك أُريدك لي / مسروقة بلؤم من سلالة آلهة مخصيين / ومنزوعة كشظية من صفحات كتاب مقدس / مخذولة كوصايا ” لقمان ” / ويتيمة / دونما شفقة أعصّب عينيك بآياتي / حتى لا تبتكري دموعاً بعدي / أو بعلاً بعدي / ومثل ديك هراش / سأصلي / على أشلاء رعاياك صلاة الخوف / تصغي لهذياناتي بإستسلام / كرعية مقلوبة وهي ترى بيضة ديك القاضي تفرّخُ أسئلة مجنونة / من أين ؟ ومتى ؟ كيف ؟ وكم ؟ / أريدك وحدي ( لاشريك لي ) أنت / خاتمة الرقم الضاجة في كهف الأبنوس وتويج المسك / وعصارة خمرة خمبابا / أنت / آخر ظل للوهم حين يباغتُ ” مريم ” خلف جدار الرؤيا / تأتين محاطة بالشك واليقين / لست العانسة الأولى / ولست القديسة في جوقة حراس وطنين / تدخلين كلّ فراغ فيّ / مثل نار في أطراف ظلام يابس / خفيضة / تحرقين حواسي وتلغين مقاييسي / وعارية كماء المطر وحفيف الأرواح / تتبدين بفيض داخل لهبي / بعيدة عن إقتراحاتي ومخاوفي وقصائدي / جبّارة تغزين سماواتي بأصابع من لوز / وترثين الأرض كزلزال / رحيمة كأم أذهلها المأتم في تاسوعاء محرم / فبإشارتك نعتصر الشفتين نبيذاً / وتصرخ نار الكوثر قافزة من غابات سائلة / ويختمرُ عجين التنور / وحدي مسروق كهواء / وحدي مشروب كماء / وحدي محروق كتراب / وأنت خلاصة صبري / فأحتجزيني في قفص القدرة / قولي : كن فأكون / وحدي / دون أن تبصرني عيني / دون أن تلمسني كفي / دون أن يشمني أنفي / دون أن يذوقني لساني / دون أن يزلزلني سجاني / أصعدُ إلى فمك الصغير / إلى أنفك / الى عينيك / الى شعرك / وإليك مرّة أخرى / هكذا / كرهباني يزرع أشجار الخمرة وأنهار الطلح فوق سراب جائع / أحبك داخل قفصي / في الروح أو خارجها / في المطهر أو الملكوت / أيتها النافرة كالظل .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق