الثقافةشعر فصحى

ريتا الحكيم

سوريا

بروفا

سأهرمُ وستبقى أنتَ يافعًا
هكذا تبدو الأمور جليَّةً في نظرِ الوقتِ
المرآة لن ترحمَني
ولن تربِّتَ على تجاعيدي
ربما تغرزُ أظافرَها في رحمي لتنتزعَ جنينًا احتفظتُ به للحظةٍ آتيةٍ لن أنتبهَ فيها إلى أنَّني أعيشُ ضمن خيوطٍ متشابكةٍ من شَعريَ الأبيضِ.

كيف سأكحِّلُ عينيَّ المتواريتَينِ خلفَ أجفانيَ المُتهدِّلةِ؟
لم أنجب بنتًا لأستعينَ بها،
أنجبتُ صبيانًا بعضلاتٍ مفتولةٍ،
إنِ احتضنَني أحدُهم تتهشَّم عظامي، وتتكسَّر.

قد أخرجُ عن طاعةِ الزَّمنِ
في محاولةٍ منِّي لأبدوَ أصغرَ سنًّا،
لكن لن أفلحَ في ضبطِ خطواتٍ
تفضحُ عجزي.

سأركنُ طقمَ أسناني على رفِّ المغسلةِ كي لا تَعلقَ بها بقايا شوكولا اختطفُها من حفيدي خلسةً
سيكون عليَّ أن أتباهى بأمجادي الماضيةِ أمامهُ
وأقنعَهُ أنَّني جدَّةٌ يفتخر بها.

لن أخبرَه عنكَ،
ستبقى سرًّا أمضغهُ بدَلَ اللبان
سأقبِّلكَ على وجنتَيهِ
وأمسِّدُ شعركَ المجعَّدَ الذي سيرِثهُ عنكَ
هكذا لن يعرفَ حفيدي قصصَ الحُبِّ التي عشتُها وسيظنُ أنَّني طفرةٌ بين الجدَّات اللواتي سيعرفهنَّ أو يسمعُ عنهنَّ
حين يكبرُ.

قد يخونُني النُّطقُ
فأناديهِ باسمكَ
قد أتعثَّرُ بقدميكَ في حذائهِ
فأتدحرجُ على صراخكَ
ربَّما أقعُ في كمينٍ نصبتهُ لكَ بين ألعابِهِ
لتتمرَّغَ في أحضاني.

لستُ على يقينٍ من كلِّ كلمةٍ ذكرتُها يا ولدي
فالمسافات بيننا أشواقٌ متراميةُ الأوجاعِ
وأنتَ منذُ أربعِ دمعاتٍ لم تأتِ
وذاك الحفيد ليس إلَّا من نسجِ نزَقي
سأعودُ الآن إلى ممارسةِ وحدَتي بانتظامٍ
وألتزمُ بحميةٍ عنكَ فرضَتها عليَّ البلادُ.
————————————
– أجملُ القصائدِ.. تلكَ التي خرجتْ للتَّوِ من مطبخِ الحُبِّ،
بعد أن نضجتْ على نارِهِ الهادئةِ، والنَّص أعلاه بروفا حُبٍّ لحُلمٍ تحوَّلَ مع تجاربِ الأداءِ المُتكرِّرةِ إلى هاجسٍ ينهشُ روحي.

#ريتا_الحكيم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق