أيها البحر
هل لك طاقة على الخذلان
وباب بيتك مشرع للريح
هل لك ندماء يسهرون معك
أم وحدك تضطرب
وتقعي مثل كلب أجرب تحت ظل السراب
وتنآى بنفسك عن اليأس؟؟
***
أول الشعر
تلبسُ الحقيقةُ رداءَ الشعر؛
تميلُ بنا كفةُ السماء،
رويداً رويداً، نحو خسارة الجبال؛
الجبال التي تذوب بين يدي الأساطير.
الجبال التي تركناها للغزاة والرواة والنصوص.
موقنٌ أن البلادَ بلا تضاريس لا تقوى على حمل الذكريات،
توشحت بنرجس الماضي،
أفيق من غفوة الهزيمة،
كلُّ ما حولي منتصر إلاي.
المدينة انتصرت علي؛
التاريخ أسفر عن أنيابه؛
تجاوز حكايتي الناقصة.
سُحقا لعجائز الصبر؛
من لم يفكر بتوبة عن طغيان الكرز؛
من لم يفكر بثورة بحق زوان الحقول.
***
ترانا أبْعدنَا السماءَ عن وقتِ سُقوطها المحتم،
أم مَنحنا الأرضَ مُبررًا للكبرياء؟
ملعونةٌ أرضك، يا أورشليم،
مسلوبةٌ من ضمير الأطلس؛
مخفية في ثنايا الغبار.
ولي قصةٌ لا تشبهها القصص؛
حبلُ إعدام لا تقطعه المعجزات.
أقبلتُ طالباً صفو الليالي؛
سكر العصر،
ولم أسلكْ سُبلاً جانبية،
لكن العتمةَ خوَّانة؛
والحزن سقيم:
يحب سحنتي البائسة؛
يتدلَّى من شموع الكراهية.
لا أبتغيك، أيها الضمير المقطوع من رهافة الفراشات.
اختلف مع نظرة الفيلسوف للقوة؛
للضرورة، وللحرية؛
لموت الكلمات عند شفاه الكتب.
ضرورةُ الموتُ تخنقُ جثةَ النهر.
أحكي للسنوات عن بداياتها؛
للزمان عن قطوف أول العمر؛
للأيام عن تلكؤها المزعوم،
وللنفس عن جدوى القصيدة.
****
أول الماء
سيّان، يا بحرُ، سيّان
إن بحتَ للشاطئ باسمِ حبيبتك،
أو بحت له بانكسارك أمام العاصفة.
تبقى عدوي
وأنت تنقل سفن الغربان؛
تبقى رمزًا لانكسار الملاحم
وخسة الأمواج
وهي تطأطئ رؤوسها من عار الماء.
لم تخنك الجبال حين جاءك بونابرت؛
لم تفتح رجليها الهضاب؛
لم تخنك السواقي،
وأنتَ خنتَ البرَّ من أول الغمر.
لا نحبك، ولا نقيم وزناً لموجك العالي؛
فكلُّ رداءٍ تلبسهُ لن يمنعني من وصفك بالسافل