الثقافةشعر فصحى

فهمي الصالح

العراق

نَقْشُ الْاِبْتِسَامةِ عَلَى عُمْلَةٍ وَرَقِيَّة

فهمي الصالح / شاعر عراقي

عَلَيْكِ أَنْ تُصَدِّقِي بِكُلِّ أَرْيَحِيَّةٍ
مَاذَا سَأَفْعَلُ حِيْنْ يَتَعَلَّقُ الْأَمْرُ بِوَضْعِي
أَمَامَ مِحَكِّ النَّارِ.؟!
سَأَخْتَارُ أَعْلَىَ عُمْلَةٍ وَرَقِيَّةٍ فِي الْعَالَمِ
لِكَي أُثْبِتَ لِنَفْسِيَ الْمَسْحُورَةِ بِالْاِخْضِلاَلِ
وَرُبَّمَا لَكِ أَيْضَاً:
بِأَنَّنِي مُمْكِّنُ أَنْ أَقُومَ بِفِعْلٍ جُنُونِيٍّ
مِنْ أَجْلِ شَيِءٍ قَدْ لاَ يَتَكَرَّرُ
فِي لَحْظَةِ اِسْتِنْزَافِ الشُّعُورِ بِشَهِيَّةِ الْاِنْتِمَاءِ
إِلى حَرِيِقٍ طَيِّبٍ مُشْرَعٍ بِإِثَارَةٍ وَاصِلَةٍ
لِمَا بَعْدَ الْحَوَاسِّ وَمَا بَعْدَ الْجُنُونِ.
إِنَّهَا لَحْظَةٌ سَيْرُورَةِ الْمَاءِ فِي الشَّحِيحِ
الَّذِي يَمُوْتُ فِيهِ كُلُّ نُسْغٍ
وَتُشْبِهُ تَوَّغُلَ مُوسِيقَى يَتِيمَةٍ
فِي شُقُوقِ حَجَرٍ مُتَّسِخٍ بِالْغُبَارِ
لِيَسْتَعِيِدَ خَلَاَيَاهُ بِضَرُورَةِ الْمُفَاجَأَةِ.!
الْجَسَدِ التِلْقَائِي لَنْ يَذْوِي
عِنْدَ الْمَحَاوَلَةِ الْمَحْمُومَةِ بِلَهْفَةِ الْمَاءِ
وَسَيَبْقَىَ مُشْرَئِبَّاَ فِي السُّلَاَلَةِ وَهِيَ تَنْغَرِزُ
فِي اِنْبِثَاقِ الطِّيِنِ الْحَيِّ لِيَمنَحَهَا تَمَاثُلَ الْوَرْدَةِ
الَّتِي تُفَكِّرُ بِالْاِغْتِسَالِ مَعَ سُيُولَةِ الْحُبِّ
مُنْطَلِقَاً فِي تَعَثُّرِهِ وَحَشْرَجَاتِهِ الْمُغَلَّفَةِ
بِالْأَسْرَارِ كَمَمْلَكَةٍ أَو مَجَرَّةٍ
فَلَنْ يَخْذُلَنِي هَذَا الْحُبُّ
الَّذِي سَأَفْجِرُهُ بِكُلِّ فَنَائِيَّةِ الْأَصَابِعِ عَبْرَ الْلَّهَبِ الْأَزْرَقِ
وَأَنَا أَتَكَوَّرُ كَمُنْتَحِرٍ فِي حِقْبَةِ الْاِنْصِهَارِ الْحَادِّ.!
فَالْمَالُ لاَ قِيِمَةَ لَهُ عِنْدَ لَحْظَةِ تَكْثِيفِ الْجُنُونِ
في الْمُخَيِّلَةِ الْمُدَبَّبَةِ
وَأنَا لَسْتُ مِنْ طِينَةِ النَّدَى الْمَحْضِ
وَأُحِبُّ الْمَالَ أَيْضَا بِطَرِيقْةٍ مُؤَكَدَةٍ
وَلَكِنَّنِي أُحِبُّكِ بِشَرَاهَةٍ تَتَخَطَّى أَكْوَامَ الْمَالِ
حَتَّى لَو بَدَّدَتُهَا فِي الْعَرَاءِ
وَتَرَكْتُهَا تَغْدُوَ طَائِرَاتٍ وَرَقِيَّةً
تُلاَحِقُ الْغَمَامَ الْكَثِيفَ وَالطُّيُوَرَ الْبَرِيئَةَ
بِاِرْتِبَاكِ النَّشِيدِ وَخِيَامَ الْمُتَنَاثِرِينَ فِي لَفْحِ الرِّمَالِ.!
وَلَكِنَّنِي أَيْضَاً: سَأَنْقُشُكِ بِكْلِّ مَا أُفَكِّرُ فِيهِ
مِنْ جَدَارَةِ الْحُبِّ
فِي اِبْتِسَامَتِكِ لِيْ وَمِنْ قُدْرَةِ الْحَرْبِ
عَلَى مَحْوِ جَبَرُوتِ الْجَمَالِ الْمُتَأَرْشِفِ
فِي الْمَتَاحِفِ الْمَخْطُوفَةِ بِالنِّيرَانِ.!
سَأَفْعَلُ ذَلِكَ مُتَقَصِّدَاَ لِأَسْبَابٍ عِدَّةٍ
مِنَ الْاِضْطِرَاباتِ الْمُحَبَّبَةِ:
أَوَّلُهَا لِأُشْعِرَكِ بِأَنَّنِي أَسْتَطِيِعُ أَنْ أُضَحِّيَ بِالْأَشْيَاءِ الْمُهِمَّةِ
الَّتِي لا يُضَحَّىَ بِهَا عَادَةً فِي الْهَبَاءِ كَيْ لا يُوصَفُوْا بِالْجَهَالَةِ
وَسَأَفْعَلُ ذَلِكَ دُونَ اِلْتِفَاتٍ إِلى أَيِّ وَصْفٍ مَعْقُوفٍ قَدْ يُقَالُ عَنّي.!
وَثَانِيهَا لِأَشْعُرَنِي بِأَنَّنِي أُوَقِّعُ كَسَمَكَةٍ حَيَّةٍ عَلَى وُجُودِكِ الْمَائِيِّ
فِي دَمِي وَخَارَجَ الْإطَارِ الرُّؤْيَوِيِّ الَّتِي تُقَدِّمُهُ لَوحَةٌ عَمْيَاءُ لِلنَظَرِ.!
سَأَنْقُشُكِ كَمَا لَو أُحِبُّ مُشَاكَسَةَ النَّارِ
بِلا نَدَمِ أَمَامَ تَشَظِّي الْفِكْرَةِ
وَبِلا شُعُورِ الْغِيَابِ حِيَالَ اِنْكِسَارِ الْلَّحَظَاتِ
فِي قَارُورَة سُمٍّ.!
أَنَا أَعْرِفُ مُطْمَئِنَّاً بِأَنَّ الْعُمْلَةَ هَذِهِ وَغَيْرَهَا
مِنَ الْلُّعَبِ الْمْحْتَرَمَةِ
سَتَنْحَنِي كُلُّهَا أَمَامَ اِبْتِسَامِ وَجْهِكِ
مع أَوَّلِ هَطْلَةٍ مُنْدَفِعَةٍ مِنْ شَفَتَيكِ
وَسَيُبْطَلُ مَفْعُولُهَا حِينَ اِنْدِلاَقِ أَحْبَارِي
الَّتِي سَأُمَرِّرُهَا بِشَغَفِ الْإصْرَارِ عَلَى قَلْبِهَا الْأَجْوَفِ
عِنْدَ الْبُؤْرَةِ الْوَسَطِّيَةِ لِلشِعَارِ الْقَوْمِيِّ الْمَطْبُوعِ
فِي وَاجِهَةِ الْعُمْلَةِ.!
نَعَمْ أَعْرِفُ بِأَنَّ الْعُمْلَةَ وَأَنَا أَنْقُشُ اِبْتِسَامَتَكِ
فِي رُوحِهَا لَنْ تَصْمُدَ
وَلْنْ تَبْقَى مَعَالِمُ أَخْتَامِهَا مَقْرُوءَةً بِسَطْوَتِهَا
أَمَامَ مَا أًرِيدُ تَجْسِيدَهُ مِنْ اِنْعِكَاسٍ
يَجْعَلُ الْحَيَاةَ مُخْتَصَرَةً فِي اِبْتِسَامَةٍ أُسْطُورِيَّةٍ لاَمِعَةٍ
فَسَوْفَ تَمُوْتُ الْهَيْبَةُ الرَّسْمِيَّةِ لِلْبَنْكِ الْمَرْكَزِيِّ
وَسَتَتَحَوَّلُ الْعُمْلَةُ إِلى عَالَمٍ جَدَيدٍ
مِنَ الْأَفْعَالِ الشَّخْصِيَّةِ السَّوْدَاءْ.!
وَلَكِنْ كَرَمَ اللهِ ىسَيَتَجَلَّى كُلُّهُ عَبْرَ أَصَابِعِي
فِي لَحْظَةِ عُنْفُوَانِ الْمُحَاوَلَةِ خَارِجَ حِسَابَاتِ الْبُورْصَةِ
وَآلِيَّاتِ تَسْقِيطِ الْعُمْلاَتِ التَّالِفَةِ فِي الْإِفْلاَسِ.!
سَيَمْنَحُنِي اللهُ لَقَطَاتٍ مُلْهِمَةً
كَيْ يَتَجَلَّى إِحْسَاسِي فَائِضَاً بِوَجْهِكِ وَأَنْتِ تَبْتَسِمِينَ
بِأَوضَاعٍ شَتَّى كَمَا أُرِيدُ أَنْ أَرَاكِ فِي دَاخِلي وَظَلاَمِي.!
لِهَذَا سَأَنْقُشُ بِثِقَةِ الطَّائِرِ
عَلَى تِلْكَ الْعُمْلَةِ الْوَرَقِيَّةِ الْكَبِيرَةِ رُمُوزَ وَجْهِكِ
فِي لَحْظَةِ بِدْءِ الْاِبْتِسَامَةِ عِنْدَ أَوَّلِ ضَرْبَةٍ
مِنْ عَاصِفَةِ الْقَلْبِ.!
سَأَنْقُشُهَا اِبْتِسَامَتَكِ كَيلاَ تَحْتَجِزَنِي مَأَسَاتِي
بَالْفَقْدِ دُونَ قَهْقَهَاتِكِ
رَغَمَ أَنَّنِي لَسْتُ مِنَ الَّذِيِنَ يُجِيدُونَ النَّقْشَّ
أْو يَحْتَرِفُونَ الْقِيَامَ بِهِ
فِي الْمَسَاحَاتِ الدَّقِيقَةِ مِنْ مُحَاوَلاَتِ الفنِّ.!
سِأُطْلِي وَجْهَ الْوَرَقَةِ بِمُخَرَّمَاتٍ الْأَحْبَارِ
السِّحْرِيَّةِ النَّاطِقَةِ بِالْأسْرَارِ
بِمَا لَمْ يَسْبُقْنِي نقَّاشٌ إِلى حُرُوفِهَا مِنْ قَبْلُ.!
حُرُوفٍ مَأْخُوَذَةٍ مِنْ تُرَابِ الْأَيَّامِ الْعَطِرَةِ
الَّتِي عَلَيْهَا وَجْهُكِ فِي الطَّبِيعَةِ
حُرُوفٍ حَاءَاتُهَا عَرِيقَةٌ في لِحَاءَاتِ الْمَاءِ
وبَاءَاتُهَا دِعَامَاتُ الشَّجَرِ
وَرُبَّمَا سَأَحْتَاجُ إلى مَزْجِهَا بِقُطْرَانِ دَمِنَا الْخَرِيفِيِّ
فِي الْهَوَاءِ الطَّلْقِ
وَسَأَجْتَهِدُ لِكَيْ أُشَكِلَّ بِتِبْرِ الشُّعَاعِ
حِزَامَاً بَضَّاً مُتَمَاسِكَ الْكِيمْيَاءِ
بَيْنَ خُطُوطِ التَّجَاعِيدِ وَبَيْنَ نُعُومَة زَمَنِ اِسْتِنْبَاتِ الْمَعْنَى
فِي الْحَيَوِيَّةِ
لِتَلْتَصِقَ حِقْبَةٌ ْالْهُلاَمِ مَعَ الشِفَاهِ
كَخُلاَصَةِ فِيزْيَاءٍ تَنْضَجُ فِي رُقْعَةِ حَيَاةٍ
تَتَوَهَّجُ بِأَزَلِيَةِ اِرْتِوَاءٍ كَائِنٍ فِي دَمِ اِبْتِسَامَتَكِ
الَّتِي أَتَخَيَّلُهَا كَاِعْتِقَادٍ مِثْلَ وَطَنٍ بَعِيدِ العُزلَةِ
يَفْتَحُ ذرَاعَيهِ لِعَائِدِينَ مِنَ الْمْوتِ أَو مُغَادِرِينَهُ إِلى الْحَيَاةِ.
سِأَبْدَأ النَّقْشَ الْآنَ …
سِأَبْدَأُ يَا وَجْهِيَ .!!
هَيَّا لِيَتَقَاطَرَ الْحِبْرُ عَلَى الْحُرُوفِ
وعَلَى الدَّمِ أِيْضَاً.!
اِبْتِسَامَةُ وَجْهِكِ تَخْرُجُ مِنْ الطِّينِ بِكُلِّ قُوَى الْاِنْغِمَارِ
تَخْرُجُ مِنْ قَلْبِ ظَلاَمِي مُتْرَعَةً بِجَمَالِ اللهِ الَّذِي حَضَرْ.!
………………………………………………

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق