شعر فصحى

عبد القادر صبري

عودة محمودة الى الجحيم

قلتُ لا ادري …
سكتت الموسقى حين كنت اكتب هذه القصيدة عارياً حتى من اصابعي..
قالت : هل تعلم كم انت بعيدٌ عن صنعاء وعن بغداد؟!
قلت : بضعة حروب فقط.
ماذا كنت تقول؟!
لن أقطف لكِ وردةً …
سآخذك الى حقل من الزهور
لن أصيد لك فراشة …
سأعلمك كيف تعزفين الكمان حتى تقف الفراشات على كتفك وأنت تغنين بصمت حتى لا توقظي الزهور
لن اشتري لك عقداً من اللؤلؤ …
سأعلمك الغوص حتى تلامس اناملك برفق وحنان أجنة اللآلئ في المحارات
لن اقدم لك منديلا ًمعطراً لتمسحي به دموعك حين تبكين حزناً لسبب ما من اسباب الحياة الفانية …
سأجمع دموعك في زجاجة وأمزجها بعطر الالهة،
ماء السماء،
حتى تتذكري في كل مرة تشمينها سبب حزنك فتضحكين
لن اسحق دودة القز لأصنع لك فستاناً حريرياً شفافاً …
افضلك هكذا عارية في الفراش كما الملائكة وكما شعاع من نور
لن اقتل ثعلباً لأصنع لك من فروه وشاحاً …
سأنتظر حتى يتساقط الثلج ثم آخذك الى الغابة كي نصنع مخابئ للثعالب وصغارها فتحبك الثعالب وتحتضنك بدفئ
لن أجلب لك عصفوراً ملوناً في قفص من ذهب …
سأعلمك الركض وراء العصافير كالسحاب
حتى تتعلمي من السحاب كيف يعطي بلا حساب
وتمنحي ذهبك كله لفاقدي الأوطان
وما أكثرهم في زمن الثورات الزائفة والمحاربين المأجورين يا حبيبتي
وحين تأتي الطائرات لتقصفنا في المرة القادمة من الوطن …
لن آخذك الى ملجأ …
يكفي ان نقف سوياً في السطح
كما الرجل الصنعاني في الصورة
بلا وردةٍ
بلا عقدٍ من اللؤلؤ
بلا منديلٍ معطر
بلا وشاحٍ ثمين من فراء الثعالب
بلا زوجين من أغلى البلابل
بلا أثواب من حرير الجنة
بلا أساور من ذهب
بلا سندس
بلا استبرق
وحدنا
عاريين من كل شيء
إلا من كمنجةً تدوزن أوتارها على أوردتنا المصلوبة قرباناً لآلهة بلا ضمير
وسنلوح للطيارين بصمت ان ارجعوا
حتى يعرفوا أن اله الصحراء قد أرسلهم الى المكان الخطأ
فيعودون من حيث أتوا ..
الى الجحيم.

عبدالقادر صبري
جزر الشمال الـ ما
٣٠ يناير ٢٠١٦م

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق