الضيوم
ابراهيم الخياط
ذاتَ حربٍ
غفوتَ تحت شُرفةِ الحدودِ
فاندلقتْ قِربةُ أحلامكَ على الوسادةِ
الترابيةِ
لتسيحَ في الطينِ
تطيّنتْ جبهتُكَ الناصعةُ
واستباحَ بقيتَكَ البقُّ الأليمُ
ومن غفلتِكَ
أو إغفاءتِكَ
غادرتْكَ الأحلامُ المُسْعِدَةُ
كفراشاتٍ
لا تستعرضُ -من براءتها-
بهاءَ الإكتمالِ
إلاّ في شُرفة الزيت اللاهب،
فعلى كلّ مِشعلٍ غفا حلمٌ لكَ،
وعلى كلّ سراجٍ فراشةٌ،
أو قصيدةْ،
وعليكَ الانتظارُ،
فأحلامُك الأنيقةُ لم تعدْ على رفِّ الذاكرةِ
و الفراشاتُ -كقصائدِكَ- تبكي
إنْ لم تكوِها نارُ،
وأنتَ – ياكُفءَ خمرِكَ-
غدوتَ، عقب عزٍّ،
مَأمّاً للوساوس الذليلةِ
أمْ هذهِ انحناءةُ السنبلةِ الملآى؟
فيا أنتْ إحلمْ!
ودعْ نبوءةً لا صلاحَ فيها،
ثم اسكبِ الزيتَ على لهيب السراجِ،
وإحملْ تينكَ الفراشاتِ البريئةَ
إلى هالة القمر المسفوحِ وراءَ الشرفةِ،
واكتبْ قصيدتَكَ الأخيرةَ قبل فصل السلامِ،
اكتبْ قصيدةً تتمنى لكَ القفولَ
إلى البساتينِ؛
فالبساتينُ
فندقٌ مشاعٌ للشعراءِ والسكارى،
البساتينُ
ليمونٌ وأنينْ،
البساتينُ
ملاذُ الساسةِ والعشاقِ والكلابْ،
البساتينُ
بلا سقوفٍ تنوءُ بكلّ الأسرارِ،
البساتينُ
لا تنامُ ولا تموتْ،
كما أنتَ -يا كُفأَها-
لا تنامُ ولا تموتُ
فأمامكَ الـ “برمودا” العظيمةُ
وعلى قَفاكَ فُوَّهةُ الأسفار المدنيّةِ
وبين يديك المسلّحتين
ينحني هرمٌ رمليٌّ من الأهوالِ
فيانؤومَ المسامير، متى تنامُ؟
ويا مُريدَ الردى، مَنْ لهذا الأنين الشاسعِ؟
ومَنْ يُصاهرُ عائلةَ الحَمام النائحِ؟
ثُمَّ مَنْ يبتاعُ الخَزَّ القاتمَ وخِمارَ المليحةِ؟
فعليكَ الانتظارُ،
وعليكَ الاحتفاظُ بذاك الكنز الذي لا يفنى،
لأنكَ من نصفِ ألفٍ تحرسُ هودجاً
-وفي ذات الحدودِ-
ما فيهِ تاجٌ ولا أميرةْ،
وجيوشاً
مَرَّ على مياسمِكَ البردُ الباذخُ،
وشوطٌ من لهيبِ تموزَ،،
ونامتْ قدماكَ الدبقتانِ
-ردحاً-
في مَشوكةِ الخفارةِ
قَبلَ أنْ يسيلَ الضحى الخابي
على مُعترك منكَ رجيمْ
فارتضيتَ التصوالَ في الأماسي الكدرةِ
ولكنَّ هذي الحدودَ الغيدَ
ما استحيَتْ ولا افتعلتْ إغضاءةً
لصليبِ اغترابكَ
واحتراقِكَ تحتَ شمس الشامتين،
فلمنْ وِشاحُ اللازوردِ؟
ولِمنْ الوسنُ الرتيبُ؟
ولمنْ خليجُ القصائد؟
ولمنِ الكُوَى والرِّتاجُ والأواوينُ؟
ولمنِ الانتظارُ؟
يا أنتَ
يا صدىً مهجوراً..
لكَ الأوشحةُ، والوسنُ الهاربُ،
ودفّةُ الخليج السابح بالشِّعر ،ولكَ
مع الكُوَى المُكاثرةِ هذا الرِّتاجُ
المهلهلُ تحت ظلال الطاقِ..
ولكَ الانتظارُ وعليكَ،
فـ [أوقفِ الساعاتِ على ميقاتِ
بغدادَ، إرتدِ الأسى وجهاً، ونهاراً
الليلَ، هاتِ ريحاً لدولابِ الشّواءِ،
ثُمّ أوقدْ ناراً للشاي الأنيسِ،،
وإحتفرْ وكنةً لِقَطاتِكَ المفزوعةِ.]
واستفهِمنيْ
يا صدى الهجرةِ..
استفهِمني..
عنِ السماءِ الملبّدةِ بالضِيوم،،،!!
سأُنبيكَ التأويلَ المَجيدَ
وايّاكَ أنْ تقصصه -من مآذن
القصيدة -على الرابضين في
تكايا الحدود، لأنّهم لا يلقونكَ
في الجبّ، حسبُ، بل يهيلونها
عليكَ وعلى آلك وأصحابك،،
فتكتّمْ!
السماءُ: سماؤك الصافيةُ والصامتةُ
منذ آخر عاصفةٍ ألقتْ سلامَها
المنضّبَ عليكَ ومضتْ لنزهةٍ
قريبةْ.
الملبّدةُ: نعتُ الاطفال وأغبياء النحو
للغيوم التي – ذات حربٍ –
تلبّدتْ فسالَ كُحلُها من البكاء
علينا.
بـ : حصانُ جرٍّ لكلّ عربات العمر
المثقلة بأطنانٍ من الهمِّ المُعادِ.
الضِيوم: ميزانُ صَرفٍ على واوِهِ
– حصراً – تتلبّدُ سماؤنا العجوزُ،،،
فاستظهرْ:
الجروحَ، القيود، القنوط، الديون،
الحتوف، الجيوش، القموع، الكروب،
السموم، السجون، الحروب، النعوش،
الطفوف، اللصوص، الملوك،،،،
والحدودَ.. هذه البقعة الدائرة على
دارِكَ التي مثل سمائك وفقَ الأفق
الشرعي – من نصف ألفٍ – وهي
ملبّدةٌ بالضِيوم.