شاعر يقف في الطريق
فواز قادري
الشاعر يقف في الشارع
وفي الشاعر ألف طريق.
الشاعر ينام ولا يحلم
يقف وفي عينيه
حلم جَسَور لا يتثاءب
حلم منقسم إلى أجزاء:
الحب، الثورة، السلام، الفرح
حلم يتناثر ولا يجمّعه الحب
يتكوبس على مقعد في حديقة
تمرّ به المجازر رافعة أحوالها
يمر ملائكة مقعدين على دراجة حجريّة
تمر الطفولة مطعونة الضحك والكلام
مقعد ينكسر دون أن يخرج صوت
يتعب من أقفية الغرباء العجفاء وثقل الدمع
اللغة لعبة يلعبها الشاعر ويخسر المعنى
الشاعر لم يكسر أجنحة الطير
الحرب تفعل وتحصل على الجوائز الأولى.
الشاعر يقف في الطريق
ينتظر أن يمر به المطر
تمر غيمته ولا تلتفت
غيمة البلاد حمراء تهطل عليه
والريح تلعب في ملعبه
يمر به الخبز
يصرخ:
يا صاحبي القديم
الصغار ينتظرون لا تتأخّر
تمرّ الخيام على هيئة جرح
تمر الطعنات تتباهى بخناجرها
يمر العيد فارغ اليدين والعينين
إلّا من الليل والدمع.
الشاعر في الشارع
بلا طفولة ولا قصيدة
يمر الفرات وبيده شمعة
ينظر إليه ويبكي
خلفه “الدير” تدفن أولادها
ويرتفع فوق بيوتها الحطام
الزهور ليست فقط للمقابر
لعاشقة عرجاء على عكاز
وتصعد إلى طبيب
في الطابق الرابع
عاشقة بلا وردة تبكي ولا أجنحة
الضحك ليس حكراً على تجار الحروب
والأمهات لم ينتهين من نوبة البكاء
الشاعر في شارع بلا أبواب
بنافذة واحدة مكسورة المدى
ورياح الدنيا تعوي.
يقف يداه خلف ظهره
يرى يسمع ويردد قصيدة مجنونة
تليق بالحال
حقول وأعشاب وبساتين تجري حوله
الشارع كوكب تدور حوله مجرات كثيرة
أقدام بطيئة أقدام تهرول
الشارع أخبار تأتي على قدمين
حمامات تنقر الحَب وتتجنّب أقدام المارة
الأشجار قريبة والساحات
بيوت بلا جداران ولا أسقف
مجالس عاطلين عن الوقت
فائضين عن حاجة الأمكنة
الشارع سجلّ من ليس له قيد في الأمكنة
حرية تمشي تجوع وتتثاءب ولا تنام
الشاعر يتأمّل يبتسم
يسرق الكلام من فم الصمت ويذهب.
قصيرة أرقص يكفيني الرصيف لخطوتين وقفزة
الموسيقى تأتي من مكان بعيد
لن أذكر اسمه حتى لا يعود إليه الموت
طفل يضحك وأنا أكمل رقصتي
على ايقاعها الغامض
أرتفع عن أرض الساحة
تنظر إليّ الطيور وتتفاجأ
حين لا ترى لي أجنحة.
الشاعر يترك الشارع
من أجل حمامة أو عصفور
الساحة عش الساحة سماء صمّاء
الشاعر يحيا الشاعر يموت
ينجب القصائد ويحرّك الغيم ويلعب
الوردة معطوبة الوردة عزاء
ماء صديق يمشي من قلب إلى قلب
الشاعر يخسر يذرف عينيه ويصطفي الشرفات
الشاعر يربح
يصادق أغنية بلا جرح
يرقص ويترك للمساء فرصة حب أخيرة.
الدير: مدينتي