شعر فصحى

طه محمد على

انتقام

احياناً
أتمنى أن أبارز
الشخصَ الذي
قتلَ والدي
وهَدمَ بيتنا
فشرَّدني
في بلاد الناسِ
الضيقة.
فإذا قتلني أكونُ قد ارتحت
إن أجهزتُ عليهِ
أكون قد انتقمت!
….
لكن..
إذا تبيّن لي
أثناء المُبارزة
أنّ لغريمي أمّاً
تنتظرهُ
أو أباً
يضعُ كفّ يمينهِ
على مكان القلبِ من صدرهِ
كلما تأخّر ابنهُ
ولو لربعِ ساعة
عن موعدِ عودتهِ..
فأنا عندها
لن أقتله، إذا
تمكَّنتُ منهُ!

كذلكَ..
أنا لن أفتِكَ به
إذا ظهر لي
أن له إخوةٌ وأخوات
يحبونهُ
ويُديمونَ تشوّقَهم إليه.
أو إذا كان له
زوجة تُرحّبُ به
وأطفالٌ
لا يُطيقونَ غيابَه
ويفرحونَ بهداياه.
أو إذا كانَ له
أصدقاء أو أقارب
جيرانٌ، معارف
زُملاءُ سجنٍ
رفاقُ مستشفى
أو خُدناءُ مدرسة..
يسألونَ عنه
ويحرصونَ على تحيّتِهِ

أما إذا كانَ وحيداً
مقطوعاً من شجرةٍ
لا أب له ولا أم
لا إخوة لديهِ ولا أخوات
بدونِ زوجةٍ وبدون أطفال
بلا أصدقاء ولا أقرباء
ولا جيران
من غير معارف..
بلا زملاء أو رفاق أو أخْدَان
فأنا لن أضيفَ
إلى شقاءِ وحدتِهِ:
لا عذابَ موتٍ
ولا أسى فَناء..
بل سأكتفي:
بأن أغضَّ الطرفَ عنهُ
حينَ أمرّ بهِ في الطريق
مُقنعاً نفسيَ
أنّ الإهمالَ
بحدّ ذاتهِ
هوَ أيضاً
نوعٌ من أنواعِ الإنتقام!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق