من كتاب الملح
من هنا كان المِلحُ
حين بكت الملائكةُ
وسالت عبراتها كنهر ثائر
ولحظة تهافت الشياطين
بمشاعل حارقة نحو الأرض_
خلقه الله _
حين جرت الشمسُ
كانت روحُه تجري لمستقرٍ لها
في أوردةِ الكائناتِ جميعِها
كي تبقى حكاياتُ العالمِ نابضةً وحيةً
كدورانِ الدم
وتنبتُ حدائقُ السماوات ورودًا بيضاءَ من مِلحٍ
كي تحكي الجغرافيا قصةَ الخلقِ
وتُدونها بتضاريس من ملح
حين بكت الملائكةُ
تلونَ الملحُ وامتلأتْ شرايينُ البحرِ
وأصبح للعشقِ مدنٌ براقة ناصعةٌ
حين يهلُّ عليها القمرُ
ينثرُ بريقَه وروائحَه
ولأنه في كلِّ قلبِ عاشقٍ مدينةُ ملحٍ
ببوابات وشوارعُ ممتدة نحو الشمسِ
تسبحُ في سماواتِها أطفالٌ بأجنحةِ طيرٍ
وطيورٌ من ملحٍ تنقلُ رسائلَ العاشقين
إذا هبت عاصفةٌ سالت جدرانُها لتملأَ الأرض بدماءٍ بيضاءَ تفيضُ نحو شلالات من الحبِّ
والملحُ هيكلٌ عظميٌّ للكونِ
يحركُ الساكنَ ويثيرُ الألم
تنتفخُ روحُه وتتمددُ ككوكبٍ دُري
توقدُ منه أرواحٌ هائمةٌ بيضاءُ من ملح
ترسمُ لنا ملامحَ أخرى عن الحبِّ
تسيلُ كلما قبَّلَها الملحُ
محمد عكاشة
مصر