تغير العالم في العام الماضي
لكننا لم ننتبه لذلك إلا الآن
و صرنا ننظر له بحنان حزين للغاية
حتى أنتِ
كنتِ هادئة و منحازة للصمت
تتبرمين أقل، تبكين بشكل أرفع
تحبين بيأس حي
تلوحين بطلاقة
أعني أنك تلوحين كأنك تحاولين اِكتشاف
يديك
أما الآن
فأنت تلوحين كأنك
تحاولين استعادتهما من الريح !
♤
ذات يوم و نحن نتنزه
شاهدنا المسيح يقرأ للأطفال.
ذات يوم انتبه لنا
و نحن نراقبه.
ذات يوم أطال النظر نحو ملامحنا .
ذات يوم أحبكِ
أو أنني ظننتُ ذلك
بسبب عدم امتلاكي الحق.
ذات يوم سيحدث
كل شيء كما لو أنه مصمم
للفرجة:
يعتبرونني طارئاً
على الحب
فيصلبون المسيح بدلاً مني!
♤
” أجدكِ لطيفة ”
لم اكن أود قول ذلك بالطبع
لكن لم يبق أمل
بأن الذاكرة تسع المزيد من كلمات الحب .
كنت أود أن أحبك
و أقول أنني أحبك أيضاً
فكم كان ذلك صعباً
على المرء
صعب حتى على سمك القرش
أن يفتن أنثاه برغبة صامتة
أو يتشجع قليلاً
و يقفز من الماء!
♤
هذه حياتي بين يدكِ يا إلهي
و هي ليست جسداً ملوثاً يصعب عليك
غسله و تجفيفه
أو كتابا تتصفحه بحيرةٍ
عارضاً كلماته المبهمة
على قاموس قديم.
هي حياة مكشوفة و غالية
لقد عرفتُ أنك صنعتَ بدايتها
كما يضع طير ضخم
بيضته في حفرة مهملة
ومع هذا أحببتُها
لأن الطيرَ اختفى
و الحفرة الصغيرة غطت الأرض!
♤
كنتُ آخر البشر الواصلين إلى الموقد
لم أر هذا الوهج من قبل
فقد اكتشف الآن .
لم أطرح سؤالاً غبياً على نفسي
من فعلها ؟
ما اسمها ؟
كنت واقفاً قبالتها
لكن عيني تتطلعان نحوك باستغرابٍ
بيننا لهب و دخان
و أمامنا زمن طويل
لنبنكر اسماً ساخناً للنار !
♤
لقبوني بالحالم أيام طفولتي
لكنّ بعض أصدقائي
قد حولها إلى الكذاب
فمنذ سنوات بعيدة و الناس يخلطون
بين الكذب و الصنع
و حتى عندما كنت أمزح مع الفتيات
من أجل التسلية
كان الرفاق يضطهدونني
(من يكذب الآن يكذب بعد عشرين سنة)
و ها هي الحقيقة لكنها ليست ماثلة تماماً
أنني رجل وقور
و قوي
ومن غير الممكن أن أرهق نفسي
بالحب
و أرمم طفولة جسدي
بمعزل عن اللعب بالفتيات !
♤
أنا وريث آمال عائلية هائلة
كان جدي لأبي يحلم
بشراء طائرة يلقي من خلالها
نظرة على العشب.
و كان جدي لأمي
يتمنى أن يعيش مئة سنة
ليبصر مصير أحفاده و ثيرانه و وصياه.
ظلت أمي خجولة
وهي تطرح حلمها بورع شديد:
” لا تتزوج مباشرة
بعد أن تتفرغ من قصة حب
كل الذين فعلوا ذلك يعانون بالسمنة
أو من الزيف ”
أما أبي
فلم يتردد بأن يصرح في كل مناسبة
من أنه يريدني ضابطاً.
حتى في الحرب
كانت المكالمات تنقطع
و هو يصرخ من الجهة الوحيدة:
” لا يمكن أن تزدهر حياتك التي تحبها
في الشعر
و تهرم حياتك الثانية في الجيش”!
♤
أنظر من شباك المطبخ
إلى أي رجل يتقدم لخطبتي،
يستقبله أبي و يتحدثان في الحديقة
عن المهر و الحفلة
و عن النسب و الأطفال
ثم يختلفان
و يودعه أبي شبه متبرم
من أنني قد لا أتزوج
إذا ظللت أنظر للخاطبين
من شباك المطبخ فقط.
لكن الرجل القادم اليوم
كان طويلاً
و عيناه زائغتين
يكلمه أبي و هو ينقّل نظره نحوي،
ثمة سعادة
ستدفعني للتهور
يا إلهي أنه الحب الذي تتباهى به الفتيات
أغلقت شباك المطبخ بحركة غبية
و سحبتُ الباب!
عامر الطيب