الثقافةشعر فصحى

نامق عبد ذيب

العراق

مَجْمَرَةُ الياقُوت
أو نصري شمس الدِّين بعدَ فواتِ الأوان
نامق عبد ذيب – العراق
-1-
ما كان لكَ أنْ تجيءَ بالدُّفِّ للسيّدةِ فيروز
ولكنّكَ وقد حدثَ الذي حدثَ
كنتَ كمن يأتي بالشّمسِ لغيمةٍ بيضاء
كانتِ السّيدةُ تهطل
بينما أنتَ تحاولُ أنْ تلمَّ لؤلؤها المتناثرَ هناك
تحت العريشةِ التي اتّكأتْ عليها
عَبَثًا
-2-
هل تدري؟
فيروز وهي تتركُكَ وحيداً تقولُ آهاتِكَ
كانت تريدُ أن تتأكّدَ أكثرَ من وجودِها هي
الملكاتُ يوجَدْنَ في الآهات
كذلك فهي تنتبهُ لأشياءَ نادرة
إحداها إنّكَ حين تقولُ
كان الجبلُ يهتزُّ من الشوق
-3-
واللهِ لن تستطيعَ أنْ تلحقَها إلى آخرِ الخرائط
واللهِ السّيدةُ فيروز كما قيلَ عنها
هي التي ترسمُ الموجَ للبحر
وما عليهِ حينها إلا أنْ يموج
أو ينتحرَ على ساحلٍ بعيد
-4-
ألفُ ( أوفْ ) لن تعيدَهم إليكَ
أولئكَ الذين عبروا الحدود
وأصبحوا هناك
لا الأغاني بقادرةٍ على المجيءِ بهم
ولا النِّسيان
-5-
حاكيها , يا سيدي , وخلّيكْ بْعِيدْ
هذه السّيدةُ عندما تغني
تقتربُ منها الفصول
كلُّ فصلٍ يقولُ أنا أعرفُها أكثر
حتى أننا بدونها لا صيفَ يمرُّ بنا
ولا شتاء يمطرُنا
ولا ربيع يعرفُنا
حتى أنها في الخريف تتحوّلُ إلى شجرة
هناكَ على مفرق الطّريق
حاكيها يا سيدي وخلّيكْ بْعِيدْ
.
.
لكي لا تحترق
-6-
أنت تغنّي وحيدًا
هي تتعمّدُ تركَكَ مخذولًا
لكي تحترقَ ( الأوف ) أكثر
الأوفْ والرَّقصَاتُ والعشّاقُ المحزونون
حتى أننا كنّا نهمسُ في القاعةِ لبعضِنا
هي تتركُهُ وحيدًا في كلِّ مرّةٍ
فالصَّعاليكُ يزدهرون في الوحْدةِ
الصَّعاليكُ تشعلُهم الجميلاتُ
فتتحوّلُ قلوبهم إلى مَجْمَرَةٍ
للياقوت
-7-
كذلك فلا تلمْها يا سَيّدي
كيف تجرّأتَ أنْ تطلبَ منها أنْ تميل
وهي تطلبُ منكَ دوماً أنْ تختفيَ كروح العاشق
هناكَ في غيمةٍ عابرة
شَعرُها شلال
وقَدُّها ممشوق
فما عليك أن تلومَها
عليكَ أنْ تمدَّ الأوفْ إلى آخر الدنيا
ولن تصل

-8-
هل تحلمُ أنْ تكتبَ لكَ ورقة ؟!
لا والله
لن تكتبَ لكَ سِتُّ الذوق أيّةَ كلمة
هي لا تكتبُ يا سيدي
تأمرُ فقط
فتتساقطُ الأوراقُ
وتتحركُ الأقـلام
هل رأيتَ ملكةً تكتبُ رسائلَها يا نصري
أنت مكتوبٌ عليكَ أن تظلَّ تنتظرُ ساعيَ البريد
إلى الأبد
-9-
ولكنَّ السيدةَ أخطأتْ كذلك يا نصري
تريدُ أن تسهرَ في الشّام !
هل الأغنيةُ عتيقةٌ ؟
فالشّام لم يَعُدْ شاماً
الشّامُ يا نصري شمس الدين خرابات
ومقابرُ وفتاوى تأمرُ بذبحِ البشرِ والحجر
والشَّجر
الشَّامُ محرقةٌ وبكاءٌ
وأغاني ضائعة

-10-
دخلَكْ وَينْ دْموعْ العين
فالبلادُ العربيةُ لا حدودَ للدّمِ فيها
والصّبايا سبيّات :
عربيّاتٌ من ربيعة
وأيزيديّات من الجبل
ومسيحيّات من نينوى
لم يعد أحدٌ يدبكُ في أعراسِهن
ضاعَ الميدان
والملـعبُ لان
والساعدُ يقطعُ الساعد
فكيفَ ستكملُ أغنيتكَ وأنتَ بلا يدينِ تلمُّ بهما حدودَ الأوف
كيف يا نصري شمس الدين ؟!
.
.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق