الثقافةعالم القصه

عبد النبي فرج

مصر

جسد فى ظل
٢٣/ ١٢/ ٢٠١٠
الشمسُ يفحُّ وهجَهَا اليوميَّ، والرجلُ المعطوبُ يرقدُ وقدْ ضربه الجربُ فبدا جسدُه مهترئًا، وأظافرُه تبحثُ عن البثور، لينزع قشورَها بعصبيةٍ مفرطةٍ، يصرخُ: خراب.
الجوُّ خانقٌ، ريقه جفَّ تمامًا، عينه الذئبية تبحثُ عن ماءٍ لم يجدْ سوى ظل يكتمُ على روحه.
ساعتها أحسَّ أنه تاه فى صحراءَ، ثم وجد نفسَه يتعثر فيسقطُ من فوق الجبل يسقط بقوةٍ مدهشةٍ، ويحسُّ خلالها جسدَه ثقيلاً كالرمل يسقط بقوةٍ، لتنفجر البثورُ تفرقعُ مثل تفجر البالون، وعندما انتهى إلى القاع كان يعومُ فى بركةٍ من القيح الذى ازداد حتى غطى جسمه، زحف على صدره، دخل فمه، فلم يعد قادرًا على التنفس.
انتفضَ من الكابوس إلى النهار المرِّ، ينظرُ إلى البيتِ الذى دفع دمَ قلبهِ فيه، وعذابه فى الغربة أصبح الآن سجنًا يضيقُ عليه، خلاء. صوتُ طلمبةٍ يمزعُ الفراغ، ذباب يحتل المكان، خرق قديمة: يا بت.. اِنت يا بت
فتح بابَ الوسط الذى يفصلُ الفرنَ والحظيرةَ عن البيتِ، وخرجتْ منه بنتٌ صغيرة منكوشة الشعر، مدورة الوجه، بيضاء، تكاثرَ الذبابُ على وجهها: القلة… القلة يا بت.
البنتُ أحضرتْ له الإبريقَ الذى يستخدمُ فى الحمام. لم يأبه، اندفعَ فى شربِ الماءِ حتى انتهى منه، ثم قذفَ البنتَ بقوةٍ صارخًا: يا كلاب… عايزين تموتونى.
شج رأس البنت التى أخذت تصرخ، وتتمرغ فى التراب وهو يجأر ويسرسع: يا كفرة.. أنا هاموت نفسى.. أكلتونى لحما ورميتونى عظم يا كلاب!
اندفعتِ الأمُّ تجاهَ البنتِ، بينما أخذ يتزحزح ملتصقًا بالحائط. سحبت البنتَ وقد أحمرَّ وجهُها حتى أصبحَ كتلةً من الدم الخالص، ذهبتْ إلى حوض الطلمبة، وضعتْ رأسَ البنتِ فى الحوض، وأمسكت يد الطلمبة، أخذتْ تدقُّ فى قوةٍ والماء اندفع فوق رأس البنت التى بدت تشهق..
المرأة التى تضعُ فى عينيها كحلاً يزيدهما حسنًا، و يزيد سوادهما ألقًا، ترفع ثدييها بمشدٍّ مخرم، فيبرز ثدياها وتلبس قميصَ نوم نايلون، وجلبابا أبيض، فتبرز السيقان والجسد القادر. أخذت تدعك حتى بدا الجرح الذى شج ثم رفعتها وقربتها من الفرن وكبشت رماد الفرن وكبست ومازال الدم يسرى!
تركت البنتَ بجوار حوض الطلمبة، وذهبت إلى الرجل الذى سحب القميص الدبلان، وغطى به نفسه. اقتربت منه، أمسكته من ياقة جلبابه، ورفعته فى مواجهتها وقالت له: مش حرام عليك؟
فبدا ينشج نشيجا خافتا سرعان ما تعالى:

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق