الثقافةشعر فصحى

عبد السادة البصري

العراق

وقفة عند قصيدة (( رسائل رفعت المنوفي )) لعمّار المسعودي
*عبد السادة البصري
حينما تستهلّ قصيدتك بمشهدٍ دراميّ ذي مغزىً إنساني كبير ، هذا يعني انك ستبدأ بسرد حكاية كبيرة تتعلق بهذا المشهد !!
وهذا ما رسمه الشاعر ( عمّار المسعودي ) في قصيدته المهداة الى صديقه الأديب المصري العراقي ( رفعت المنوفي ) التي طرّزها بثريّا نصّ موسومةٍ بــ ( رسائل رفعت المنوفي ) إذ يحيلنا العنوان إلى موضوع آخر بالإيحاء المعاكس للكلام ، أي بمعنى أن الشاعر أوحى لنا بأن ما سيقوله هي رسائل صديقه إليه ، وهذا ما أكّده النص المفعم بالحيوية والعلاقة الإنسانية والحياة ، حيث ابتدأه بحكاية إنسانية كبيرة لينتهي بحكايات إنسانية أكبر :ــ
( وحين قلتَ في حضرةِ والٍ شديد :ــ
ــ ده الواد عمار المسعودي من صعايدة كربلا ..ــ )
هنا يحاكي بمستهله صديقه المنوفي الذي وقف ذات يوم أمام مسؤول طاغٍ ليدافع عن المسعودي دون أن تربطهما أية رابطة سوى الأدب ، إذ وقف هذا الرجل المصري راسماً محبته وانتماءه للأدب بعيداً عن الايديلوجيا والمعتقد الفكري بإنسانية كبيرة مدافعا عن الشاعر بعد أن كاد الموقف أن يودي بالأخير الى المهالك !!
بمعنى أن المنوفي تغلبت إنسانيته التي استقاها من الأدب والفن على الايديلوجيا والعنف ، ليرسم خطاً أخضراً لحياة ملؤها المحبة والوئام بينه وبين الآخرين :ــ
( وحين غرستَ منذ زمنٍ طويلٍ محبتك خمائل في صحارى القلب
حتى اكتسى كل ما بيننا بعناقيد هذا العمر !!)
ويستمر بسرد حكاية انتماء المنوفي للإنسانية عبر رسائله التي وصل بعضها ولم تصل الأخرى ليؤكد انصهاره في البوتقة العراقية :ــ
( كم كنتَ عراقياً تذوب لقصيدة فيه ، وتحزن لغصن شجرة ينصهر )
ثم يؤكد عمق علاقتهما التي تجذّرت من الموقف الإنساني ذاك حيث يعود لخضرته الفلاّحية وحقله الذي زرعه بــ ( الملوخية ) أو السبانخ ابتهاجا بصديقه المصري ، والذي صارت أوراق زرعه رقيقة برقّة ومحبّة رسائل المنوفي ومواقفه التي صارت بريداً متواصلاً كنهرٍ جارٍ بين قلبيهما والآخرين من محبّة واخضرار !!
الشاعر عمار المسعودي بقصيدته هذه يؤكد عمق انتمائه للإنسان أولا وللخضرة والماء ونسغ الحياة ثانياً عاكساً كل علاقاته الحميمة مع هذا الفتى القادم من أزقة منوفية مصر !!!!!

رسائل رفعت المنوفي))
وحين قلت َ في حضرة والٍ شديد :
،، ده الواد عمار المسعودي من صعايدة كربلا،،
وحين غرستَ منذ زمن طويل محبتك خمائل
في صحارى القلب حتى اكتسى كل ما بيننا بعناقيد
هذا العمر .
تنتظرُ قرويين عائدين الى خضرة ٍ _ بيننا _ لتقول لهم:
ابؤوا سلمولي على الواد عمار ، وعلى الوالد وعلى كل من
ملأ قبة ثوبه قمرا او ثمرا …!
كم من رسائل لم تصل غير رسائلك
كم قلت َ لي : ياعمار لابيه اروح لهلي ولابيه اعوف اهواي !
كم كنت عراقيا تذوب لقصيدة فيه وتحزن لغصن من شجرته
ينهصر …. حتى ملأت عينيك وكلماتك ومشاعرك منه ، نوافذ
صبر وانتماءات لا تذوب مثل شمع المناسبة !
هذا حقل ،، ملوخية ،، قد كملت زرقته وخضرته ، حتى
صار ت أوراقه برقة رسائلك تلك التي تودعها في بريد القرى.
بريد القرى هذه السلال المقلوبة على كل ما لامسته من امان
ومنى !))

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق