الثقافةشعر فصحى

عاطف عبد العزيز

مصر

قصيدتان
عاطف عبد العزيز

1- أومليت

خُذِي مَفَاتِيحَ البَيْت،
قد لا أكُونُ هُنا عِنْدَما تَرجِعِينَ.

تَعَرَّفي قَبْلَ أن تُغادِري
مَواضِعَ الأشْيَاءِ التِي لا غِنًى عَنْها:
هذِهِ رشَّاشةُ المَاءِ،
تَرَكْتُها مُعَلَّقةً عَلَى حَائِطِ الشُّرفَةِ قُبَالَةَ الرَّيْحَان،
كي يَظُلَّ الكَائِنُ المِسْكينُ واثِقًا بِالحَيَاة.
رُزْمةُ الوَرَقِ هُنا فِي الدُّرْجِ،
وجَنبَها الأقلامُ مِن كُلِّ لَوْن.
قِنِّينَةُ الصُّوصِ الذِي تُحِبِّينَهُ مَعَ الأومليت
هُناكَ عَلَى الرَّفّْ،
أمَّا تحتَها،
فسَوفّ تَجِدِينَ حُقَّ العَسَل،
ذاكَ الذِي أَرَقْتُهُ ذاتَ مَسَاءٍ فَوْقَ
عَمُودِكِ الفِقرِيِّ
ثُمَّ جَمَعْتُه بِلِسَاني.
..
خُذِي مَفَاتِيحَ البَيْتِ ورُوحِي،
رُوحِي،
بِكُلِّ المَفَاتِنِ التِي اخْتَصَّ بِها اللهُ
الخَائِنات.

2- الرَّحْمَة

جَدُّهَا العَالِي،
مَاتَ بضَرْبَةِ فَأسٍ فِي حَقلِ الذُّرَة.
الَّذِينَ رَفَعُوا جُثَّتَهُ مِنَ الوَحْلِ قَالُوا:
«مِسْكِينٌ،
مِسكِينٌ هَذا الَّذِي سَتَرَهُ لَيْلٌ،
لِيَفْضَحَهُ شَبَقْ»

أمَّا أبُوها، فكَانَ سَاقِيًا فِي حَانَةٍ قَرَوِيَّةٍ.
شُغْلَتُهُ الإنْصَاتُ للرَّاجِعِينَ مِنَ النَّهَارِ،
والَّذِينَ رَمَتْ بِهم إلَى الطَّاوِلاتِ السِّكَك.
الرَّجُلُ المُخْلِصُ،
كانَ يَمْلَأُ القَدَحَ تِلْوَ القَدَحِ،
ويَلُمُّ التَّفَاصِيلَ إلَى التَّفَاصِيلِ،
تَمَامًا .. كَمَنْ يَسْتَعِيدُ مِرْآةً مِن شَظَاياها،
لأجْلِ
أن يَرَى نَفْسَه.

الرَّحْمَةُ قِدِّيسَةٌ،
وَصَلَتْ إلَى الدَّيْرِ ذَاتّ ضُحًى، بَعْدَما
أَنْفَقَتْ رَيْعَانَها فِي بَيْعِ الهَوَى.
كانتْ كُلَّما مَسَحَتْ علَى رَأْسِ آثِمٍ،
طَلَبَتْ فِي السِّرِّ غُفْرانَهُ.
..
وحْدَها الرَّحْمَةُ تَعْرِفُ أنَّها شَهْوَةٌ
قُلِبَتْ
علَى ظَهْرِها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق