الثقافةشعر فصحى

رضا احمد

مصر

ورغم هذا وددت لو أضعتني
……

بطريقة أو بأخرى كدت أحبك؛
أنت لا تعرف كيف ينتهي الريحان وحيدا
في الحدائق المهجورة.

تناست امرأة أصابعها في جيب قميصك،
ضفيرتها حول عنقك المعلق بشجرة
وعفتها في البيت المحرم بذاكرتك؛
نسيت الكثير على مقبض الباب وهي تدخل إلى أحراشك
تطمئن الضواري الراجفة هناك أن لا حذر سيدوم
وتربت على ظهر الأرانب
تهمس في أذنيها
بصلاة قديمة كانت جدتها تقرأها على السكين قبل الذبح.

يقولون أن السعادة
تقف عند باب القلب مباشرة،
أنا لا أعرف الحكمة من كل هذه المسافات؛
حين وجدتك كنت تهرب مني
إلى لافتة مضيئة عن منشط عضوي
وعندما أخبرتني أنك تحبني
كنت أركض بعيدا إلى بيت وأسرة تخصني،
كلانا بكى
ولم يترك رسالة تفي بمكانه.

لست حقيقية؛
أنت أبتعت حكايتي من كتاب
لم تسدد ثمنه.

كنت مخلصا؛
نقطة تشد من أزر سطور لا معنى لها،
كان عليك أن تتروى؛
مئات الحناجر ينثرها الهواء هناك في الميادين،
تصرخ
وتحتاج إلى حجر
يكتم أنفاسها
لا علامة تدل على النظام.

في اللوحة زوجة مؤقتة
أمامها دب
يتسليان بلعبة الدومينو،
يجلس بينهما الحب؛
فيلسوف جائع إلى قبلة
لا رغيف.

أفكر في أمسيات كثيرة زارني فيها الموت
وأكرمته
حتى أنني ضفته بحب في صفحتي على الفيس بوك
وتبادلنا النكات البذيئة
والنقاشات العقيمة في السياسة والفن،
لم يكتب فيّ شعرا
وأنا لم أعاتبه فقد كان بريئا وصادقا
وبحاجة إلى أي امرأة ترتجف تحت صدره،
ودعني قائلا:
الخوف هو ما يجعلنا أحياء
وعلى أي هيئة يريدها الرب.

السر الذي أمتد بيننا
حفظته علكة قديمة كنت أسد بها ثقب الباب
حين تقبلني.

أفتش في دفاتري
عن فراشة مصلوبة على أفريز الشمس
ترشد التائهين إلى خزينتي المظلمة
إلى أسراري،
الطريق دائما شرنقة
لا متاهة؛
أعط الظلام حقه في الصراخ
كي تكتب قصيدة
ودع الجميع يتودد إلى ندوبك هناك.

أفتش في رأسي عن سم فئران؛
ثمرة واحدة تنضج
تسقط قطيعا كاملا من الأشجار
تحت حماية المنجل،
يتحشرج النفس الأخير في برتقالة:
تعرفنا الأغاني فقط
وقت الحصاد.

أفتش في عيني عن ثقب أسود
يبتلع كل ضوء
وأنت هنا
تتقلب فوق ظهري
كوعل محموم يردد نشيد الغابة:
هذا الليل طويل
وحواسى جميعها لا تضمن لنا البقاء.

أفتش في أذني
عن صورة تناسب الزعتر البري في صوتك؛
لعلك كنت الأولى بشروخ الصلصال في حنجرتك
من آدم
حين قلت لي:
امنحيني اسما لا تقطفه شفاه
لا يتذوقه لسان
لا يتكلس فوق الماء؛
أنا وحيد
صندوق بريد فوق مقبرة
ظلًا مسجونًا في مرآة.

أفتش في سريري
عن رجل حقيقي
لا يسعى إلى وطء كوابيسي
بمخاوفه عن الرجل الآخر الذي سيبارزه
ليظفر بي؛
الحروب التي رأيتها
كانت تنتهي بخيط دماء في فوطة صحية،
يحسب أنني غبية
لا أرى السكين خلف ظهره
عندما ينفرد بي.

في زمن قريب
ربما بعد لحظات من الآن
قريبا جدا
سأحكي لك قصة التمثال الهزيل
الذي وقف بقربك
حين همست باسمي؛
شكرا للعناية الإلهية التي احتفظت ببشرتي شهية
بعيني تتسع كلما ذاقت ظلام
وبنظرتك ضائعة في الحروق التي تجاوزت صدري
إلى شتلة ذكرياتك
التي انبتت في رحمي
فراشة عمياء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق