الثقافةشعر فصحى

شامة درويش

الجزائر

ذاتٌ تقف عند باب القصيدة..

كصومعة هناك، في زاوية مهملة، يغمرها الهدوء..
كبقعة داكنة في عالم لولبيّ
كأزهار جبليّة وكعشبة نادرة:
تمتلئ الأماكن الفجّة بالنُسّاك

كعاصفة تَفيضُ استعارتها لتعرّي الإشارة
كقطعة حزن مخبأة في جيب مشقوق
كغيمة حمقاء تلعب بوشاح علِق بعُشبة جبليّة
وسحابة رمادية حملت الشمس بعيدا
كما تَـلهجُ روحٌ عند انحناءة الموت
كعبث ريح بوصايا الأرض للبذور النيّئة
ككثافة الجسد عندما تَشفُّ روح “الوليد”
كامتلاء الفراغ بنوايا العرّافين والمومسات
كآنيّة تتحرّك لتصل إلى السكون..
كحَمّام عتيق محشوٍّ بأفعال مشبوهة
كالعَدم يَمتلئُ بفراغ
وكذات تقف عند باب القصيدة
ثمّة يد الله..

كظلّ يُداس في رقصة طانغو
كغواية مصابة بحمّى الـ”جَنْي” المبكّر
كضوء مضطجع يسقط من أعلى جسر
كمرض ناضج ينامُ في حُضن جُندي
كحبيبة يُحدّثها الجندي
كأصابع تَتفرقع..
كالضّحكات في الأعياد
كرِجْل مشلولة يتعـفّن جرحها
وجرح يتعافى بالمعنى
وأقدام ثقيلة تسكن الأحذية الكئيبة
كخطاب يتخمّر في كرسيّ الحكّام
وحكمة تتراكم بين الموت والولادة
كعقارب السّاعةِ تَطحَنُ الوقت
وزمن يتعثّر بحزام الأرض
كمياهٍ تَغسلُ نتوءات الحجارة
كبحر يضيع صوته
كأشكال فارغة تسكن الأبواب العاجية
كخرائط تُومئُ للقراصنة بمواقع “إيترانْ”
كموعد في الظلام
كصوتٍ يتجمّل للقاء البشاعة
كنغمة نشاز، تفتّش عن حلْق نيء
كمقام “الرّست” يسَلْطِن الشهقة..
وأغنية ولدت في زمن التوتّر
ودرَجٍ دائريّ يجرّب الوصول إلى الدهشة
كقفلٍ لا يَدورُ به مفتاح “أدرغال ”
كبُحيرةٍ يَتفقّدها قمرٌ
كمِـرآةٍ تطرح مفاتنها للسّماء
كأوّل الموسم يدشّنه الزّرع في كتاب الأرض
كغفوةِ الحياة تسائلها مرارة
كصوتٍ محموم بالضّوء ومصباحِ يَـهذي؛ يُؤنسُ “تالَّسْتْ”
كمجاز حزين يتخلّص من عَرُوض بيتٍ شِعرّي
كولاءِ حُرٍّ يُفيض إلى الكفر
وضجيج جرس يبشّر بالنصر
كنصّ عارٍ يَتخفّفُ مِن تأثيث المجاز
كصوتٍ أو كلام الشّمس، يَسيلُ صباحًا على باعة الأرصفة
والسماء هي السماء، ككلّ يوم
والشمس قرص يتدوّر بالبياض
يُبرِئ الصبحَ من مذلّة السؤال عند نهاية الرّصيف؛
الكلّ يتنفّس..
الغاباتُ تَفكُّ ضفائرَها والنّسيانُ يُمسرح لعبةَ تالْوِيت
وسَرْوَةٌ منتوفة الأغصان
وعجوز هائمة في خلوتها
مكوّرة كدودة
تفتّت الرغيف للجياع
كمن ينثر النقيق في المساحات الداكنة
كمن يـتلمّسُ الفَقد بملامح الشك..
كمسمار مغروز في بظر الحياة
يشهق من كثرة الحصار..
كأصابع مبتورة
تستعطف يد الله..
قد يَصنعُ الوعيُ لُفافةَ الشّقاء، لمُمتهني الظنون الممنهجة
وقد يختفي الخوف في حفنة تراب.
والعجيب أنّه لا أحد يتوقف ليتدفأ بحرقتك وقت البرد!
لكنّ القصائد الكبيرة تتمدّد على فِراش تانِيتْ
تمارس عادات غريبة تحت لِحافِ شهوتها
كتعويذة متبّلة، ترشّها أصابع معقوفة
كصخرة رثّة تتقلّب في مياه مضطربة
لتنتصر قليلا على فكرة الموت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

إغلاق