شعر فصحى

صدام الزيدى

لم أعد أميز بيني وبين
السراب
أينا حقيقي وأينا وهمي
أطارده ويطاردني
يفلت من يدي في اللحظة
قبل الأخيرة
وأفلت من يده في اللحظة
ذاتها
لدي مشكلة حقيقية الآن:
من يكتب هنا؟
أخشى فيما أخشاه
أن السراب هو من يفعل
ذلك
ولست متأكدًا من الأمر
أزعم أن أناملي تكتب الآن
أسمعها تنقر على النوتة
وأرى معسكرات حروف
تتشكل من العدم
السراب من ناحيته يكتب
على نوتة موبايلي
هذه حقيقة لن أنكرها
ولست أدري هل بوسعه
نكرانها؟
لأنه -بالمناسبة- مراوغ كبير؛
يزعم أن أصابعه
تنقر على النوتة
هذه الأثناء
أراهنه أن أناملي هي
من يكتب
ويراهن أنني وهمي
يقول لي بصوت بارد:
ارفع أناملك عن النوتة..
أرفعها
أعض أناملي بأسناني
لأتأكد من أنها خارج النوتة
لكن ميليشيا ناشئة للتو
ما فتأت تتناسل بين السطور
إنني أراها بعينيّ
رتل حروف بدائية مجنونة
اندلعت ومضت تبعثر العالم
توهمت أنني خدعت بطريقة
ما
فركت عينيّ
وفتحتهما مجددًا:
نزل سراب كنت أطارده
من عليائه
وأخذ يتناول كوب أتاي
لعله أخطأ الطريقة
قلت:
فجأة نهض من عقاله
وأخذ يعصر السماء بسبابته
بينما كان يعصرها
طلبت كأس ليمون
من كائن عنيد يجلس إلى
جانبي
ناولني كأسًا فارغة
تتسع لجزر سفالبارد النرويجية
من أطرافها إلى أطرافها
قلت: هذا هو السراب بعينه
لأفركنّ عيني بقنديل بحر
أرسلت يدي إلى قاع المحيط
وفي ثانيتين عادت محملة بي
اقتربتُ مني بحذر
صفَرَت محيطات وأخذت تهرول
ناحيتي
أخرجت يدي من قاع المحيط
عادت المحيطات المكتئبة القهقري
انتبهت إلى أنني في ورطة
حقيقية
وأن السراب الذي طاردته
38 عامًا
كان مختبئًا في زنزانة
غير مرتبة بجيب الغيب
يااااه
ما هذا؟
أعلنت بدون سابق تنميق
للعبارات:
سراب خريج سجون
كيف يمكنني وضع حدٍّ
لهذه اللعبة؟
مات هذا النص
وتعبيرًا عن حزني الفضائي
هاأنذا أشيعني
معلنًا هزيمتي
تاركًا يدي في قاع محيط
لا أراه
أو يمكنكم أن تلعنوا السراب
وهو يطاردكم
منذ بداية النص
حتى أسلافه المرمزين
بشفرات كودية
كلما طاردتها ازدادت تعقيدًا
ونفرت
في
السديم

سراب
صدام الزيدي
12 مارس 2018

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق